كان الوفد السوداني برئاسة نائب رئىس الجمهورية في زيارته الأخيرة للصين.. متجانساً ومتناغماً كحبات المسبحة.. وكان دائماً في جاهزية عالية لحضور الاجتماعات والحديث للصحافيين.. الدكتور عوض أحمد الجاز وزير المالية والزبير أحمد الحسن وزير الطاقة دائماً يجلسان بالقرب من بعضهما البعض.. وهما يملكان استعداداً كبيراً للحديث.. فقد أجرت أحدى القنوات الكبيرة في باكستان حوارين مطولين مع كل منهما.. تناول بالتفصيل الوضع الاقتصادي في السودان ومستقبله الواعد، ومستقبل النفط الواعد في السودان والكثير من القضايا السياسية الراهنة. الاستاذ علي كرتي.. كان قد قدم السيد النائب في المؤتمر الصحفي الجامع.. والمتعافي والبروفيسور الزبير ومكاوي.. و مشغولون برصفائهم.. في محادثات رسمية. الدكتور المتعافي.. رجل عذب الحديث.. ورجل متواضع.. وصاحب ذهن متفتح وخيال خصب.. قال لي أنظر الى هذه الفلل الرئاسية التي نقيم فيها الآن.. أنظر الى معمارها الرائع.. والى مساحاتها الواسعة، بُنيت على أحدث طراز.. ولم تكتب صحيفة واحدة في الصين تنتقد الدولة لبنائها هذه الفلل الفاخرة. نحن في السودان عندما فكرنا في بناء الفلل الرئاسية وبذلك الحجم المتواضع كان الغرض توفير المال وغيره عند استضافة الوفود الرسمية.. ورغم حجمها المتواضع قامت عدد من الصحف السودانية.. وعدد من الصحافيين بمهاجمة الدولة لبنائها تلك الفلل.. وعندما تقرر بيعها قامت نفس الأقلام بالهجوم على الحكومة على بيعها الفلل. وأضاف: مشكلتنا في السودان ان هناك بعض الأقلام لا يعجبها أي عمل تقوم به الدولة.. ومن باب المناكفة السياسية وليس الحرص على المال العام بكل أسف.. هذا لا يعني أن الأمر ينطبق على كل الصحف.. وكل الصحافيين، فهناك صحافيون يكتبون بصدق وشفافية وبوطنية عالية. وسألته عن أزمة المياه في العاصمة ومتى تنتهي.. أجاب ضاحكاً: ليست لدينا أزمة في المياه.. لكن توجد مشكلة كبيرة في الشبكة.. شبكة توزيع المياه في المدن الكبيرة بالعاصمة.. وهي شبكة عمرها اكثر من خمسين عاماً.. تتسرب منها كميات هائلة من المياه.. لأن الشبكة لا تستطيع نقل كل المياه التي تصلها من المحطات.. واستبدال هذه الشبكات يحتاج الى مال ضخم.. وما يدفعه المواطن مبلغاً زهيداً لا يكفي لاستبدال هذه الشبكات.. والأمر يحتاج الى معالجة لتدبير المال لاستبدال الشبكات حتى تنتهي معاناة المواطنين. كانت صلاة الفجر في مقر إقامة النائب التي يحرص الجميع على الحضور... وفي الدعوات الغداء أو العشاء.. يسأل النائب عن الصحافيين المرافقين ويطمئن الى وجودهم معه.. وهذه عادة ظل النائب يحرص عليها في كل رحلاته الداخلية والخارجية.. والنائب رجل ودود بشكل لافت.. ولماح بشكل لافت أيضاً.. وتجده جالساً في المائدة.. ولكنه قليل الأكل.. ويبدو أن علاقته بالطعام ضعيفة جداً وليس لأنه في الصين.. حيث الطعام يختلف لكن.. هكذا شاهدته في كل رحلاته الداخلية وفي منزله كذلك منذ أن كان وزيراً للخارجية حيث كنت أحرص أن أزوره يوم الجمعة.. ويصر على أن أتناول مع الذين معه إفطار الجمعة.. ويبدو عليه الزهد بشكل يلحظه كل من يعاشره. السفير السوداني بالصين ميرغني محمد صالح وأركان حربه في السفارة كانوا في حالة استعداد قبل أيام من وصول النائب والوفد المرافق له.. ولم يفارقوا الوفد إلا ساعات النوم القليلة ليأتوا في الصباح الباكر. الوفد الصحافي كان يتكون من الصديقين مصطفى أبوالعزائم رئيس تحرير (آخر لحظة) وعمرمحمدالحسن الكاهن الذي يكتب غير قابل للنفي أسبوعياً في (أخبار اليوم) و(أخبار الناس) في(الرأي العام) وشخصي الضعيف. مصطفى من الناس الذين أسعد بمرافقتهم هو وأستاذي فضل الله محمد رئيس تحرير (الخرطوم) وعمر الكاهن صديقي منذ ثلاثين عاماً. وعمر مسكون بقلق كبير.. لا ينام طوال الليل.. وشكل لنا إزعاجاً شديداً بشرب الشاي والقهوة المتواصل طوال الليل والحديث بالهاتف.. جاء صاعداً للطائرة وفي يديه كيس به (2) موبايل و(4) بطاريات.. ورغم إزعاجه الشديد لي بالتحديد وللمقدم أبوعبيدة وللمصور البارع كمال عمر والاستاذ ناجي إلا أنه لم يقترب من الزميل أبوالعزائم.. وعندما سألت أبوالعزائم عن السبب قال لي لقد (حوطه) و(الحواطة) منعته من الدخول الى غرفتي، لكن رغم ذلك كان (ريحانة) الرحلة.. لكن أكثر المتضررين منه بعدي.. هو المصور البارع كمال عمر.. كما أتعب المقدم أبوعبيدة تعباً شديداً.،. وقال لي طوال حياتي لم يتعبني أحد مثل الكاهن. والكاهن رغم كل هذا شخص طيب القلب، ودود للغاية.. وصديقنا ناجي علي بشير من إعلام القصر وحتى حرس النائب كان يتعامل معنا بود شديد.. في كل الرحلات التي نرافقه فيها داخلياً.. وهم شباب منضبط ومتفهم جداً لمهامه ويحترمون كلاً من يتعامل مع السيد النائب. أحمد شريف من وزارة الاستثمار رحب به أحد الصينيين قائلاً مرحباً بالأستاذ أحمد شريف في زيارته رقم (18) الى الصين. والباشمهندس مكاوي يجري اتصالاته اليومية بالشركات الصينية بصمت شديد. ظاهرة بدأت تطل برأسها في بكين.. وهي تربية الكلاب الصغيرة المليئة بالشعر الأبيض والأسود.. نجدها في صحبة بعض الأسر خاصة أنها غالية الثمن عندما تُذبح وتُباع بالكيلو.. إذ قالت لي إحدى بنات الصين وهي امرأة متزوجة.. قالت إن سعر الكيلو منه يساوي سعر «3» كيلو من اللحم الضاني.. ولم تتذوقه إلا في زواجها حين أهداهم صديق مخلص لهما كيلوين من اللحم.