تعرفتُ على الأخ الصديق الأستاذ عمر محمد الحسن وداعة (الكاهن)، إبان توليه مسؤولية إدارة مكتب أحد أشهر من تولوا منصب محافظ الخرطوم وهو السيد مهدي مصطفى الهادي، وكنتُ وقتها محرراً صغيراً في صحيفة «الأيام» الغراء، نهاية العقد السابع من القرن الماضي، وتوطدت علاقتي به إبان كارثة طبيعية شهدتها الخرطوم آنذاك - 1979م - نتيجة أمطار وسيول وفيضانات، وقد فوجئت وزميلي المحرر الشاب وقتها، الصحفي الكبير الآن الأستاذ نجيب نور الدين عبد الرحمن، بسيارة رباعية الدفع تقف أمامنا ونحن نسير في شارع الجامعة قريباً من مباني المديرية، وداخل العربة الرسمية كان يجلس السيد مهدي مصطفى الهادي محافظ الخرطوم ومعه الأستاذ عمر محمد الحسن وأحد أفراد الحراسة.. ودعانا المحافظ لمرافقته في جولة قصيرة - صدقنا الأمر - ركبنا واستمرت الجولة القصيرة لأكثر من اثني عشر ساعة.. جعلتنا نسب ونلعن اليوم الذي أوقعنا في طريق المحافظ، لكن علاقتنا قويت وتوثقت مع الراحل عمر محمد الحسن وداعة، فأصبح من أقرب الناس إليَّ، وهذه ميزة لم أجدها إلا عند قِلّة هو واحد منها، وهي أنك تشعر به أقرب الناس إليك وأنت أقربهم إليه، وكان ينادي من يحب باسمه كاملاً مجرداً، فهو ينادي الدكتور إبراهيم دقش ب(إبراهيم محمد إبراهيم)، ويناديني ب(مصطفى محمود عبد الرحمن حسن عبد الرحمن).. وكان قريباً من السيد الوالد - رحمه الله -. طوال رحلتنا في هذه الحياة، لم يجمع بيننا سفر إلا مرة واحدة، رافقنا خلالها السيد نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه في رحلته إلى الصين قبل عامين، وتوقفنا في مطار «لاهور» بالباكستان، وكنا ثلاثة صحفيين، هم الراحل المقيم عمر الكاهن والأستاذ كمال حسن بخيت رئيس تحرير (الرأي العام) الغراء وكاتب هذه المادة.. وسعدنا برفقة الأستاذ ناجي علي بشير من المكتب الصحفي برئاسة الجمهورية وبرفقة المصور الممتاز الأستاذ كمال عمر الذي وثّق لتلك الرحلة، وبعث إليّ بصورها في بريدي الالكتروني خلال وجودي في أديس أبابا مؤخراً. أعيد نشر الصور، وادعو لأخي الراحل عمر الكاهن أن يتقبله الله القبول الحسن وأن يغفر له ويرحمه ويدخله فسيح جناته وأن يجعل البركة في ذريته وأهله وأصدقائه ومحبيه وعارفي فضله.. فقد كان - كما قلنا من قبل - عالماً فريداً قائماً بذاته.