ليس هو نسيج وحده وفريد عصره ولكنه واحد منا نحن أهل السودان لعب كرة الشراب وسبح في النهر وأكل القديد وعمل في (لخ) المونة وحمل الأسمنت حتى يتحصل علي عائد يشتري به الكراسات وملابس المدرسة وجلابية بيضاء وعمامة ناصعة وقلم تروبن. إنتسب إلي مدرسة هي في المدارس أرفعها ولم يخنه الذكاء والقدرة فكان متميزا في دروسه. كان طموحه إلي السماء وأرض الوطن وفضل أن تكون جامعته جيش بلاده وسلاحه الطيران لم يكتب له ولم يشأ أن ينحط إلي الأرض وكان سلاحه المظلات حيث الشجاعة تدفع إلي الصفوف الخلفية للعدو فإما حياة تحقق الهدف وإما ممات لا يريح العدا. يعرف السودان من أطرافه جابه طفلا من الشمال إلي الوسط وإلي جنوب الوسط وجابه شابا ورجلا من الغرب إلي الجنوب. كان قائدا عسكريا لا يركن إلي الجلوس في غرف العمليات بل يقودها وإذا تقاعست الدولة عن نصرة جيشها كان هو من يسد الثغرة ويتقدم الجند يحقق بهم وهم الحفاة العراة نصرا عز مثيله وقتذاك. وكان هو القائد الذي لا يغيب عن مواطنيه أكثر من يعرفه من يقوم علي المقابر إذ هو اكثر الناس بها صلة يصلي علي الكبار والصغار والوزراء والقادة والمطربون والفقراء والأغنياء. هو مع الناس في بيوت العزاء يلحف في الدعاء للميت وفي حفلات الزواج يشارك الناس أفراحهم طربا صادقا وقلبا نابضا بالمحبة لهم. لا يشغله ذلك كله عن واجبه بل واجباته الكثر مع الجنود في الميدان ومع الأطفال في المدارس ومع الناس في الأحياء ومع الشباب في الملاعب يسجل الأهداف بلبس الرياضة الأنيق. هو يستقبل المستثمرين ويفتتح مشاريع النفط والمصانع وسد مروي يرعي السياسات التي تنمي الإقتصاد ويوجه بحماية الفقراء من إرتفاع الأسعار والجبايات. يعرف قبح الحرب لذلك يدرك قيمة السلام يرعاه في كل السودان يجوب له الجنوب كله والغرب أغلبه والعالم أسره. ليس هو الرئيس فقط بل هو من تقدم الصفوف وحملته القلوب. ليس من أحد في السودان كله من يحمل عليه دعوي ومن له ضده شكاية لم يأخذ أحدا بعنف وقوة وبأس. للجميع منه الكنف الموطأ والبسمة المشرقة والكلمة الطيبة والطرفة المضحكة. الذي في القلوب لا تنزعها عنه الصغائر من الصغار ولا الكبائر من الكبار.