خلال سنوات الحرب الاهلية الضروس في منتصف التسعينيات كانت كل الاسلحة قد اشرعت حتى يتسنى لطرف ان يكسب كل المعركة ويحصل على كل شىء، مقابل ان يخسر الطرف الآخر كل شىء. كان الاعلام واحدة من اهم الادوات التي استخدمها الطرفان وبإفراط، في تهويل حجم خسائر العدو، وفي تضخيم انتصار الذات، وفي اعطاء الحرب ابعاداً اضافية غير ما كانت عليه..وتحت راية الإعلام تم حشد الآلاف في هذه المعسكرات. غير ان اداة الاعلام التي استخدمت بنشاط وإسراف استخدمت بغباء مفرط، لقد كان الاعلان يتم بصورة شبه يومية عن إنضمام بضعة آلاف الى الصف الحكومي عائدين من حركة التمرد..كان هذا هو منطوق الاخبار في تلك الايام، ولم يكن من يقف وراء الخبر يدرك ان مفهومه يعني ان حركة التمرد التي ينسلخ الآلاف منها يومياً انما هي حركة زاخرة بالكادر البشري وقادرة على إمداد الصف الحكومي بالآلاف يومياً مع وجود اضعاف اضعاف هذا العدد في صفوفها تقاتل بهم الحكومة على مختلف الجبهات. على ذات النسق الآن تجري حرب مدنية بين مكونات سياسية متصارعة على العضوية، وهي حرب لا يبدو ان القناعات الفكرية ودراسة البرامج ومقاربتها تمثل اداة من ادواتها، وانما عمادها ابتذال طريقة الانضمام الى الحزب الجديد والخروج من الحزب القديم..آلاف من الحزب(س) ينضمون الى الحزب(ص)..من هذا الذي يدير العقل الجمعي لهؤلاء الآلاف؟!. ومن هو ذاك العبقري الذي ظل يطرق بإلحاح على تفكيرهم حتى تهتدي الألوف المؤلفة الى الحزب الجديد؟!. انها هشاشة فكرة الانتماء السياسي من الاصل..كان الانتماء في الاساس دافعه العواطف والاشواق والقبيلة، وصار الانسلاخ رافده الغبينة واشياء اخرى.