العسل من موجودات الحياة الدنيا لكنّه كذلك من موجودات الحياة الأخروية، فهناك وعدٌ إلهى موثقٌ فى القرآن الكريم ووصف تفصيلى للّجنّة بأنّها تحتوى أنهاراً من عسل مُصَفّى, وأظن ذلك هو السبب بألا يجرى نهرٌ فى الأرض باسم نهر العسل! فى السودان بلدة حجر العسل بجنوب ولاية نهر النيل قريبة لاصطدام مجرى النيل أوّل اصطدام ميكانيكى له بالشلال السادس (السبلوقة)! ليس النحل هو مصدر العسل الأوحد، فنحن لا نذوق متعة العسل من فصيل حَشَرَى فقط، فمصادر العسل هى ذات مصادر السُكّر، فإذا كان هنالك سكر قصب فهناك عسل قصب وإذا كان هنالك سكر بنجر فهناك عسل بنجر، وإذا خُصّبَ السُكّر من اليورانيوم فلننتظر عسل اليورانيوم! فى تجربتى التغذويّة تذوقت العسل بكل ألوانه، عسل أبيض وأحمر وأسود وذهبى (العسل الانجليزى)... وخَلَطته بكل ما يقبل الاختلاط به: الزبدة والزبادى و(الكريم) والقشطة والطحينة والطحنيّة حتى وقفتْ بيننا الموانع الطبيّة، لذلك أسعد سعادة خاصة بأنّ العسل من أغذية الجنّة فمرض السكّرى ليس له وجود فى الجَنّة! فى السودان دَخَلَ العسل بيلوغرافيا الأسماء، فهناك عائلة العسيلى والعسّال لكنّه دَخَلَ بزاوية منفرجة بإسم شَهْد، وما الشَهْد إلا العسل... ولا يضعف من ثقتنا فى العسل أنّ (المُعَسّل) هو أحد مُقبّلات الشيشة، أقول ذلك ونحن على بُعد يومين جنوب اليوم العالمى لمكافحة التبغ! دَخَلَ العسل الغناء فللشحرورة صباح (زى العسل)، وفى الغناء السودانى للمرحوم خوجلى: قالوا قطعة سكر قلنا أجمل وأنضر، وأعتقد أنّه لا أحلى ولا أنضر من العسل... لكنْ لعلى ابراهيم اللحو: السمحة نوّارة فريقنا، يا العسل النشّفتَ ريقنا، وهو وصف يعرض أحد خواص العسل، فبعد تناوله يبحث الريق بتلهّف عن الماء! يكفى العسل فخراً انّ الشهر الاول فى حياة الزوجين يسمّى فى كل اللغات شهر العسل، ولا يقلل من قيمة ذلك أنّ بعض السودانيين خصموا منه اياما وربّما اسابيع فهو خصمٌ كمّى لا كيفى! أرغب فى الاستطراد المُرْسَل لكنّى أتوقّف احتراماً للمثل الشعبى: حبيبك لو كان عسل ما تلحسو كله!!