دفعة طلاب خريجى حنتوب 1951 الواقفون من اليمين الي الشمال قلبا.. محمد عثمان ابوزيد..نصرالدين المبارك..عبدالله الطاهر بكر ..قندران..عبدالله زكريا..الدشونى..عامر محمد صالح..بدرالدين ابراهيم ..محمد احمد عبدالرحمن ..خليفه ...ابراهيم احمد بابكر . الجالسون من اليمين الى الشمال عابدين حسن ..عبدالرحمن سالم..قدال ..محمد احمد حسن ..الدرديرى ..مخازن ..حسن خليفه ..محجوب محمد صالح...معاويه فريجون...عبدالرحمن لطفى .. جعفر مبارك ذات مساء في الأسبوع الماضي، اتصل بي هاتفياً الأخ الزميل محمود الدنعو وطلب إلي الاتصال بالأخ إبراهيم منعم منصور. وكم كانت المفاجأة سارة حين أخبرني الاخ إبراهيم أنني مدعو للإلتقاء بكوكبة من عواجيز مدرسة حنتوب في منزله في صباح يوم الجمعة الأول من شهر يونيو الحالي. وحسب معلوماتي فإن اللقاء الذي وجهت لي الدعوة للمشاركة فيه، لم يكن الأول من نوعه، بل سبقته خمسة لقاءات من قبل. ولما لم تتح لي ظروفي الحياتية المضطربة شرف المشاركة في تلك اللقاءات، فإنني لا استطيع أن اصف لكم مدى البهجة، والسرور الذي ملأ نفسي وأنا أمني النفس بلقاء زملاء الدراسة في مدرسة حنتوب الثانوية. وكما علمت من قبل، ومن الذين أتيحت لهم فرصة المشاركة في تلك اللقاءات، فإنها تأتي بمبادرة من أي من الزملاء، وتلتئم من دون أجندة، وتنفض من دون تكليف أي ممن حضروها بأية مهام، صغرت أم كبرت. وينفض سامر الزملاء القدامى والبهجة والفرح يملآن نفوسهم وهم يتحركون خفافاَ برغم تقدم السن، وفي بعض الأحيان وهن الجسم الذي يحدثه المرض. . ليس من رأى كمن سمع سمعت كثيراَ من القصص التي رواه الزملاء عما كان يدور في لقاءات حنتوب. ولكن سنحت الفرصة لأكون شاهداَ بنفسي على طبيعة تلك اللقاءات وما كان يدور فيها. وفي آخر هذه اللقاءات والذي تم يوم الجمعة الفائت كما ذكرت آنفاً، كان عدد الحضور اثنين وعشرين شخصاً، وتغيب عن الحضور لأسباب مختلفة نحو أربعة وعشرون شخصاً. افتتح اللقاء الأخ عبد الله محمد حيدوب الذي رحب بالحضور، وأوضح أنه لم يتلق أسباباً لتخلف بعض الزملاء. وعلق بأن الأسباب تكون ملزمة في كل الاحوال، وهي تتراوح بين الغياب بسبب الوفاة، أو الغياب من البلد بسبب السفر أو المرض. وطلب الأستاذ عبد الله حيدوب من الحضور الترحم على أرواح من غيبهم، أو غيب أقرباءهم الموت. ووسط جو ساده المرح، وتبادل النكات و(القفشات) تناول الحضور طعام الإفطار، وكان سودانياً مائة بالمائة، ولم ينفض سامرهم إلا بعد أن رفع النداء لأداء صلاة الجمعة. لا سياسة ، ولا حزازات ولا يحزنون تميز لقاء عواجيز حنتوب الأخير، مثله في ذلك مثل جميع لقاءاتهم، بأنه كان بعيداَ جداَ عن السياسة، والتحزب أو التفكير في أي نوع من العلاقات غير تلك النابعة من الزمالة، والصداقة والشوق لاستعادة ذكريات الدراسة المليئة بكل تالد وطريف. وبرغم أن عواجيز حنتوب قد شغلوا مراكز سامقة في دواوين الدولة، الإدارية والسياسية، ونهلوا من العلم في شتى جامعات السودان ومعاهده العلمية، وكذلك الجامعات العليا في كل أنحاء العالم، شرقه وغربه، فإنه لا يعلق بأذهانهم غير زمان حنتوب وذكريات حنتوب. وفي هذا اللقاء الاخير سمعنا من الذكريات والطرائف التي وقعت في زمن حنتوب ما أثار الضحك ، بل والقهقهة ، وكأنما سمع الناس حكايات وقعت بالأمس وليس قبل نحو نصف قرن من الزمان أو يزيد. وكانت أحداث معظم الطرف مما دار بين الطلبة وأساتذة حنتوب أو بين الطلبة انفسهم. تجرع كأساً من خمرها فحسب نفسه جعفر نميري من الطرائف التي حكاها أحد عواجيز حنتوب في لقائهم الأخير، حادثة حقيقية كانت وقائعها كما يلي: بعد تحريم تناول الخمور في عهد الرئيس السابق جعفر نميري، شاعت انباء عن واحدة من صانعات الخمور البلدية واصلت صناعة مشروب الخمر سرأً وعجزت كل محاولة الشرطة في الإيقاع بها وتحويلها إلى المحاكمة. وسخر أحد كبار المسئولين في الدولة من عجز سلطات الأمن في الإيقاع بالمرأة وإيقاف منتجاتها ومحاكمتها. وطلب ذلك المسئول أن تتاح له الفرصة لمحاولة القبض عليها متلبسة بالذنب. وبالفعل زار منزلها، وطلب منها، على سبيل ضبطها متلبسة بالجرم، أن تبيعه قنينة مما تصنع. وطلبت المرأة منه قبل بيعه الخمر أن يتأكد من جودة صنعها، ومدت إليه كأساً ليتذوقها. وتظاهر المسئول الكبير بأنه قد شرب الكأس التي اراقها في التراب خلسة، وسألها: هل تعلمين من أنا؟ ولما أجابته بالنفي قال لها: أنا الرئيس جعفر نميري. وانفجرت المرأة ضاحكة من سذاجة الرجل. ولما سألتها زميلة لها عما يدور في منزلها أجابتها: تعالي يا اخت واشهدي ما حدث. لقد تجرع رجل كأساً واحدة مما أصنع من خمر وخيل له أنه هو الرئيس جعفر نميري. واخشى عليه إذا ما تناول كأساً أخرى ان يتصور نفسه بأنه هو الإمام المهدي نفسه. ثروة لا تقدر بثمن والآن، وبعد هذا اللقاء القصير الذي جمعني مع كوكبة من المسنين من زملاء الدراسة في حنتوب، فقد تبين لي ، أنه، وبصرف النظر عما يعانونه من آثار تقدم السن، وبعض الأمراض غير الخطيرة، فأنهم يشكلون كنزاً من المعرفة والخبرة لا يقدر بثمن. ليس ذلك وحسب، بل انهم مجموعة من الناس لا تتأثر بالفوارق والخلافات السياسية، وأنها قادرة على تجاوز كل شيء، والحفاوة فقط بعلاقات إنسانية أخوية ووطنية سامقة. وكم هو فقد عظيم لبلادنا أن يكون لديها مثل هذا الكنز الإنساني المستنير، والمزود بخبرات عملية وعلمية، ولا يستفاد منه البتة، بأية واحدة من شتى الصور التي تكون متاحة. إقتراح أرجو النظر فيه بكل جدية إنني ومن هذا المنبر، وبمناسبة لقاء عواجيز حنتوب ، اقترح على المسئولين الاتصال بهذه الكوكبة والتنسيق معها، بوصفهم جماعة أو افرادا، للاستفادة منهم، ومن أمثالهم من خريجي المدارس الأخرى ، والذين تربطهم ببعضهم البعض، أواصر كتلك التي تربط عواجيز حنتوب ، ليقدموا للسودان ، وفي شتى المجالات خدمات لا تشوبها نعرات حزبية سياسية ، أو فئوية جهوية ، وتكون خالصة لوجه الوطن. ولسنا بحاجة لأن نذكر هنا أن مثل هؤلاء الناس الكرام قد أصبحوا فوق الشبهات، ولا تغريهم مفاتن الدنيا وثرواتها بعد أن شبعوا من كل النعم أثناء حياتهم العملية وبعدها في سني تقاعدهم. ومن المؤكد أنه ليس لمثل هذه الكوكبة من المواطنين أية أنواع من المطامع غير تلك التي تفيد وطنهم وتقدمه وازدهاره.