أعظم ما أهدته القارة الاوروبيّة لبقيّة القارات هو اتحادها ، سوق اوروبيّة قفزت بها ماستريخت الهولنديّة إلى اتحاد اوروبي عاصمته بروكسل وبرلمانه في لكسمبورج... اليوم الذي وقف فيه الاتحاد الاوروبي على ساقيه كان هو ذات اليوم لانسحاب سيّارة إطفاء كانت تقف على طرف الشارع الاوروبي تحسّباً لنيران يمكن أنْ تشتعل! أبرز ما في التاريخ الاوروبي الحديث حربان اوروبيّتان تَحَوّلَتا إلى حربين عالميتين ، ثم اتفاقات غيّرَتْا خريطة اوروبا ، فسوق مشتركة ، فالاتحاد الذي كان ظهوره تأكيداً بأنّه لو اشتعلت الحرب العالمية الثالثة فلن تكون اوروبا طرفاً فيها ، أو تحارب من خندقٍ واحد! انتهت احتمالات الحرب في اوروبا بعد أن فتح الاتحاد الاوروبي وعاءه وزادَ حمولته فسمح لدول اوروبا الشرقية بالانضمام إلى الاتحاد الاوروبي وأزال بذلك آخر مصادر الحرب ، دول البلقان! مواطن الاتحاد الاوروبي يتمتّع الآن بأوضاعٍ تفضيليّة فى دول الإتحاد ، تبدأ من المطار وتنتهي بسوق العمل... انتهت شوائب أيّام الحرب وشهوة التوسع في الأقاليم المشتركة فلم يعد لها وجود على الأرض ، لكنها بقيت عالقة بنفوس مشجّعي ((Euro 2012! الأمم الاوروبية بدأت في الثامن من يونيو على أرض في أحدث دول الاتحاد (اوكرانيا وبولندا)، تُوقدها حمّى تشجيع تنبع من محطّات وقود القوميّات الخاصة ، لم ينجح الاتحاد في كبح جماح القوميات الخاصة إلى قوميّة اوروبية واحدة ، لكنّه نجح في جمع القوميات السابقة إلى شُركاء مصالح ... وبعيداً عن هذه المصالح ، يشَجّعُ البولنديون ضد روسيا وضد المانيا اللتين اقتسمتا اقليماً تابعاً لأراضيها ، ويشجعُ البعض ضد المانيا وايطاليا ، ويشجّع الكل ضد اليونان وهي تترنّح من الإفلاس أمامهم فصارت عالة على الاتحاد الاوروبي لا عائلة! يمكننا مشاهدة مباريات الأمم الاوروبية فى بولندا وأوكرانيا بعينين ، عين كرويّة فنستمتع بآخر ما توصّلت إليه (تقنية) كُرة القدم ، أو نراها بعين سياسيّة فنرفع عنها الدعم لنشاهد تصفيات سياسيّة ... نسمع صافرة الحكم تلاحق اللعبات الخشنة على أرض الملعب ، لكنّها لا تلاحق اللعبات السياسية الخشنة في المدرّجات ، إذ لا يستطيع ذلك الحكم الأول ولا الحكم الرابع !!