الكلمات الطيبات التي ظل يطلقها الدكتور عبد الرحمن الخضر إلى المتظاهرين ... بان من حقهم الاحتجاج لكن ليس من حقهم تخريب ممتلكات الدولة والمواطن ... وإصراره توجيه الشرطه بالرأفة في التعامل مع الذين يحتجون وليس الذين يخربون . هذه الكلمات نزلت برداً وسلاماً على كثير من الذين إنضموا الى مواكب المتظاهرين ، تلك المواكب التي غابت عنها جماهير المعارضة ، وبالتالي قادتها الذين ظلت تصريحاتهم محصورة في النت وفي الصحف العربية . وجماهير بلا قيادة لا تحقق أي انتصار ... الكلمات نفسها ظل يطلقها أحد أهم حكماء الإنقاذ هو البرف إبراهيم غندور ... الذي تميز بعلاقات جيدة مع أحزاب المعارضة وظل يردد نفس كلام الوالي الصالح عبد الرحمن الخضر. الشعب السوداني تذوب وجدانه الكلمة الطيبة وتحرك فيه كل نوازع الخير .... أما الكلمات المستفزة ... فتحوله إلى شعب أحمق وأعمى لا يرى أمامه ولا يستوعب ما يفعله . والكلمة الطيبة صدقة ... لذلك نأمل أن يكون خطاب الدولة للقلة المتظاهرة أساسه الكلمة الطيبة وغير المستفزة . ونأمل أن تسقط كل الكلمات المستفزة من قاموس السياسة في بلادنا لدى الحكومة ولدى المعارضة .... وأيضاً للمعارضة قاموسها المستفز ... وهي عاجزة عن الفعل ، وجعلت الأمر كله تحت قيادة شباب الفيس بوك الذين يختبئون خلف أجهزتهم . لم أسمع أو أرى بمعارضة تسعى للتغيير أن تفشل في إخراج جماهيرها ، والقلة القليلة التي خرجت من مسجد ود نوباوي لأن اليوم كان جمعة ( والأمة مجتمعة )... لم يكن خلفها قادة من أحزاب المعارضة ... المعارضة في كل دول العالم أول من يتقدم لمسيرة التغيير قادتها ثم جماهيرها . لكن يبدو أن المعارضة السودانية فشلت في إحداث التغيير السياسي وإسقاط النظام ، فإن المعارضة أمامها التحالف مع القوى الأجنبية لمساعدتها في إسقاط النظام ، كما فعلت المعارضة العراقية ... والمعارضة الليبية وغيرهما . لكني أربأ بالمعارضة السودانية أن تحذو حذو تلك المعارضات ... إن فشل المعارضة السودانية في إخراج جماهيرها سببه الانفصال التام الذي حدث بينها وبين جماهيرها ... ورفضها وبشكل مستمر المشاركة في الحكم لإصلاح كافة الأخطاء التي تراها أنها أخطاء كبيرة . المعارضة لا تريد أجزاء من الكيكة وإنما تريد الكيكة كلها ... إن مشكلة المعارضة السودانية ... ليست لها مواقف مبدئية ضد النظام ، لذلك لا تستطيع أن تستمر في المعارضة ضد النظام للنهاية . ولأن هناك جسوراً سرية بين النظام وبعض رموز المعارضة تمنع أي تحرك جاد يستهدف إسقاط النظام ... إن الاستعانة بالأجنبي جلب الدمار للعراق والمعارك ما زالت تدور في ليبيا الشقيقة ... وسوريا الآن في الطريق ، ولولا قوة جيشها لانتهكت حرمتها وحرمة شعبها ... جيوش الغزو وعلى رأسها الناتو . والمعارضة السودانية واعية لكل ذلك ... لأنها أكثر وطنية من تلك المعارضات التي ذكرتها . إن الإصلاح في بلادنا نقطته المركزية هو الوفاق الوطني ... أي أن تصطف كل القوى السياسية في خندق واحد من أجل الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ... لكن كون أن تكون المعارضة تقف متفرجة على ما يحدث من تخريب ... فهذا أمر معيب ويعطل مسيرة شعبنا نحو آفاق جديدة ورحبة ...، وعلى هذه الاحزاب الجلوس مع الحكومة لتقدم كلّ من المعارضة والحكومة التنازلات الموضوعية والممكنة التي تمهد لوفاق وطني حقيقي ... لا يستثني أحداً . إن الحكومة تملك الرغبة والإرادة في الوفاق الوطني ... وإلا لما تحالفت مع أحزاب الفكة في حكومة القاعدة العريضة ... وكان يمكن أن يكون محلها أحزابنا الكبيرة مع عدل واضح في توزيع المقاعد الوزارية حسب الكفاءة وحسب التجربة وحسب جماهير الحزب .. إن الوطن محتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى تحالف بنيه بمختلف إتجاهاتهم السياسية والفكرية . لحرص الحكومة على مشاركة الجميع .... أتوقع أن يأتي التعديل الوزاري وهو لا يحمل أية دهشة أو مفاجأة ... حفاظاً على الترضيات السياسية ، لأن كلاً من يخرج من الوزارة سيذهب إلى المعارضة ... خاصة أحزاب دارفور ، الذين يحكمون الآن دارفور ويريدون أن تكون لهم مواقع مهمة في حكومة الخرطوم .كما فعلت الحركة الشعبية عقب نيفاشا . هناك وزراء شغلوا مواقع وزارية منذ عهد الديمقراطية ... وظلوا في نفس المواقع في كل عهد ، وبعضهم الآن موجود ... ولو سألتهم عن إنجازاتهم فستكون النتيجة لم ينجح أحد .