جاء في الأخبار أن مجلس تشريعي ولاية الخرطوم قد فشل للمرة الثانية في إجازة قانون تنظيم التجارة وحماية المستهلك في مرحلة القراءة الرابعة والأخيرة مما يعني إسقاط مشروع القانون. من الواضح تماماً أن السادة (ممثلو) شعب ولاية الخرطوم عجزوا عن محاربة مافيا السوق وتجار الأزمات وحدها كانت مريم تلوذ بالبكاء فمن هي مريم ؟ هي مريم بنت عثمان جسور رئيس اللجنة القانونية للمجلس الحقوقية الجسورة سليلة بيت الجهاد والإنحياز الكامل للفقراء والمعدمين والكادحين. كان السادة (النواب) يتبادلون المراكز بين الكافتيريا وبين محراب المجلس للاعتذار عن الحضور .. وحدها كانت مريم في المحراب كل ما دخل عليها نائباً لم يجد عندها رزقاً وجدها تبكي ما كانت بمفردها تستطيع أن تهز بجذع نخلة لتساقط على أهلها ومواطنيها رطباً جنيا وما كانت تملك إلا الدمع السخين تسكبه وغيظاً تكظمه وحسرة على رفاق كانت تحسبهم في الشدة بأساً يتجلى لكن خاب ظنها وظن من وضعوا ثقتهم ومنحوها إياهم لقد إختار (ممثلو) شعب ولاية الخرطوم الإنضمام للذئاب في واديها وتركوا أهليهم ومواطنيهم مكشوفي الظهر بوادٍ غير ذي زرع. وبلادنا في هذا الظرف العصيب وفي عام رمادة جديد أحوج ما تكون للدرهم والدينار فلماذا يدفع المواطن من فقر فقره ويقتطع من جلده وجرعة دوائه ليدفع مستحقات ورواتب لمن لا يستحقونها بل لمن يقفون ضدهم بوضوح كامل. سيدي والي الخرطوم أنت ولي الأمر والحاكم ، و الحاكم هو أبو الناس وفي التاريخ في أعوام الرمادة وسنين القحط وأزمان العدم تتعطل حتى حدود الله فلماذا لا تعطل هذا المجلس وترسله في إجازة نهائية بلا مرتبات أو مستحقات وحولها ولو لشهر واحد لإستيراد دواء واحد من منقذات الحياة فإن إحياء نفس واحدة كإحياء الناس جميعاً. لم يعد للناس في بلادنا من حاجة لتلك المجالس الديكورية فالأسلم والأقوم وقف الصرف الذي يستنزف آخر القطرات لذلك فنحن نرى أن تحل هذه المجالس في كل الولايات وأن يتم إجراء انتخابات لمجالس المحليات بعد إعادة هيكلتها حيث إن المحليات هي الحكومات الحقيقية أو هكذا ينبغي أن تكون لتراقب أداء المحليات وأجهزتها التنفيذية ونرى أن يتم اختيار عشرين عضواً من بين أعضاء تلك المجالس المحلية ليكونوا ما يمكن أن نسميه (غرفة التشريع الولائية) لتقوم بذات الدور الذي تقوم به مجالس تشريع الولايات الحالية دون أن يتفرق أعضاؤها أو تخصص لهم مخصصات إضافية فالزمن الراهن والقادم زمن شدة وشظف العيش والتوجه الكامل نحو الإنتاج ولا شئ غيره ليس من فرصة ولا مجال بعد اليوم أن يرى شعب السودان بئرا معطلة وقصرا مشيدا ولم يعد في الإمكان سداد فواتير لجيوش من القابعين بلا إنتاج ولا خلق ولا إبداع فبلادنا الآن تمر بمرحلة إنعدام الوزن إما أن تكون بعدها أو لا تكون... في ولاية الخرطوم نرى أن تنشأ ثلاث محافظات كبرى الخرطوم وبحري وأم درمان وأن تلغى الهيئات والمؤسسات الموازية وأن تعود للخدمة المدنية سيرتها الأولى بتفعيل قوانينها ولوائحها ومحاصرة الفساد ومحاربته بلا هوادة ويتزامن مع ذلك تغيير الدماء والأفكار وإفساح المجال لآخرين يتمتعون بالكفاءة والخبرة والعفة والنزاهة وينبغي أن تستريح الكثير من قيادات الادارات والمصالح التي أمضت عقوداً في ذات المواقع فلم يعد لديها ما تقدمه فالتغيير ضرورة من الضرورات وقديماً قال الإمام الشافعي رضى الله عنه : رأيت وقوف الماء يفسده إن سال طاب وأن لم يجرِ لم يطب. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.