منذ نسخته الأولى فوجئ الجمهور بأن برنامج (أغاني وأغاني) قد تمت قرصنته بالكامل، ويباع في الأرصفة باثمان زهيدة، تكررت هذه القرصنة على مدار سنوات البرنامج، مما عرض منتج البرنامج لكارثة انتاجية لضياع حقوق الانتاج..تسمى هذه القرصنة في أدبيات السرقات الابداعية باسم (انتاج مس كول) يعني الانتاج الذي لا يكلف صاحبه شيئاً مادياً مقارنة بحجم المسروق ادبياً وابداعياً.. الشاعر صلاح حاج سعيد قال فيما يخص الانتاج الفني الغائب عن الساحة الفنية بأنه يرى أن تجربة مثل تجربة مصطفى سيد احمد كانت جديرة بالانتاج والدراسة، لتقرأ في ثنايا تجربته الموسيقية المتفردة التي أحدثها، لكنها لم تجد حظها من النشر، وهناك أغنيات تحتاج إلى انتاج متكامل، مثل أغنية (مريم الأخرى).أما الفنان عبد الكريم الكابلي فيعزو غياب الانتاج الفني اليوم إلى ظاهرة التردي الغنائي بكونه غير جدير بالتوثيق والانتاج، مؤكداً أن غياب الوعي والمسؤولية الفنية هي التي أدت إلى انحسار الانتاج..أما الشاعر اسحق الحلنقي فهو يرى السبب طغيان الهزيل والتافه من الغناء الخارج عن الذوق العام، مناشداً الشعراء بكتابة الكلمات الراقية الجادة التي تستحق أن توثق لتوصيل الجمال لأعمال المستمع السوداني.. فيما يرى د. محمد ميسرة السراج بأن أولى غيابات الانتاج الفني هو سيطرة الأغنية غير الرصينة، ويعتبر ما يتم الآن خللا في مضمون ومعيار، مما أعاق تجارب الانتاج الفني الرصين والمؤهل تقنياً.فيما يرى بعض الموسيقيين بأن تجارب الانتاج الفني الهزيل هذه الايام للشباب تتمظهر في كون أن الجيل الجديد من الفنانين الشباب ليس لديهم ثقافة موسيقية..ولهذا تمنى عدد من المطربين الشباب اليوم من بينهم ايمان توفيق لو أنهم ولدوا في زمن عمالقة الفن والغناء السوداني الأصيل لكون اغنياتهم مستوفية لشروط الانتاج الفني وتسويقه..ويرى النقاد أن الفنان طالما قد وضع بصمة، فلابد أن تكون اطلالته الانتاجية بشكل جيد، فليس من الضروري أن يكون لديك مال ونفوذ حتى تكتمل لديك شروط الانتاج، فالانتاج اليوم اضحى ذا شروط قاسية جداً، وله شركات متخصصة ومتخصصون وأسواق وغير ذلك، فالرهان اليوم على الجودة، الجودة، الجودة، حتى تكتمل ملامح (الصورة) الانتاجية..