الطفرة التي يشهدها العالم فى مجال الاتصالات وتقانة المعلومات انتقلت الى البلاد بذات سرعة التواصل عبر الفضاء الذي تعمل فيه شركات الاتصالات ، ليصبح التواصل ممكناًَ ، والخدمات المصرفية والمالية سهلة بين المتعاملين مع البنوك وغير المتعاملين معها عبر خدمات تحويل الرصيد بالموبايل وشراء الكهرباء وإبرام العقود والاتفاقيات وسرعة اتخاذ القرار فى موعده وإنتفاء عنصر الزمن فى تقديم الخدمة لتصبح متوافرة ( أي مكان وأي زمان)، كما إنعسكت ثورة الاتصالات على الاقتصاد الوطني بتوفير موارد مالية ضخمة من الرسوم والضرائب التي تدفعها شركات الاتصالات والاموال التي تصرف على اقامة البنيات التحتية للاتصالات بولايات البلاد المختلفة وتشجيع الاستثمارات الاجنبية بتهيئة بيئة الاتصال الى جانب المسؤولية الاجتماعية لشركات الاتصالات وما تقدمه من دعم مباشر للشرائح الضعيفة والطلاب وما توفره من خدمات اساسية من مياه وصحة وتعليم فضلا عن تسهيل عملية التواصل. ويرى د.محمد سرالختم الخبير الاقتصادي المعروف أن شركات الاتصالات احدثت ثورة حقيقة بتحريك قطاع المال والاعمال بتسهيلها لخدمة التواصل الفوري والمباشر والذي انعكس ايجاباً على القطاع الخاص فى سرعة اتخاذ القرار وابرام الصفقات والعقود وادارة المؤسسات الاقتصادية بكفاءة عالية الى جانب الاستفادة من عنصر الزمن حيث انتفت مسألة الارتباط بالزمن واصبح عبر شركات الاتصالات والانترنت وتقانة المعلومات اجراء أية معاملة مالية فى ( أي مكان وأي زمان) وبسرعة تحقق عائدا كبيرا فى عالم المال والاعمال الى جانب متابعة ما يجري فى العالم من حولنا ومتابعة الاسواق العالمية والاسهم والبورصات. واضاف د.سر الختم فى حديثه ل(الرأي العام): شركات الاتصالات اثرت على الاقتصاد الوطني بما تدفعه من ضرائب مباشرة تعود على خزينة الدولة وبما تقدمه من خدمات اتصالات سهلة و عملية التواصل عبر الانترنت والموبايل والخدمات المصرفية التقنية وتسهيل المعاملات المالية وتحاويل القيود والارتباط بالعالم الخارجي فى مجال المعاملات المالية دون التقيد بالزمن كما كان فى السابق، كما احدثت ثورة بقطاعات الانتاج الحقيقي الى جانب دورها فى المسؤولية الاجتماعية بانشاء المشاريع الخدمية من صحة وتعليم ومياه وتابع : ( ولكن رغم كل ذلك يظل دورها محدودا فى الاقتصاد القومي من حيث العائد على ايرادات الدولة ، كما تواجه شركات الاتصالات تحديا حقيقيا يكمن فى تحويل العائد على رأس المال او الارباح الى الخارج بالعملات الاجنبية وهذا التحدي مؤثر ولكنه لن يؤدي الى هروب رؤوس الاموال الاجنبية المستثمرة فى الاتصالات الى الخارج لان هذا القطاع مربح وفيه فرص حقيقية للتوسع فى الاستثمار الى جانب ان تكلفة تشغيله المحدودة وغير المكلفة ). وفى السياق أكد د.عمر العمرابي المدير العام لشركة الخدمات المصرفية المسؤولة عن (ملف التقنية المصرفية بالبنوك السودانية) ان شركات الاتصالات احدثت اثرا ايجابيا ضخما فى الخدمات المالية والمصرفية ، واهمها تحويل الرصيد عبر الموبايل وبتكلفة قليلة على الرغم من عدم تقنين هذه الخدمة عبر الجهاز المصرفي، إلا ان شركات الاتصالات تمكنت من تقديم هذه الخدمة (تحويل الرصيد) للشرائح الفقيرة وذوي الدخل المحدود بتكلفة قليلة وطريقة سهلة وسريعة، بينما لم تقدر البنوك على ذلك ، بل لم تستطع البنوك تقديم خدمات مصرفية للشرائح الفقيرة وذوي الدخل المحدود. واضاف د.عمرابي فى حديثه ل(الرأي العام) ان قنوات الاتصالات عبر الانترنت والموبايل احدثت تطوراً ملحوظاً فى تقديم خدمات سريعة وسهلة للجمهور على مستوى العالم، ولكن نحن فى السودان لم نستفد من كل الثورة الهائلة فى الاتصالات، انما بدأنا نستفيد منها فى شراء الكهرباء وسداد الفواتير عبر الموبايل او الصراف الآلي . واعلن د.عمرابي عن اعتزامهم بالتعاون مع بنك السودان والبنوك وشركات الاتصالات اطلاق خدمات مصرفية جديدة عبر الموبايل والانترنت خلال يوليو الجاري من بينها (المحفظة الالكترونية وخدمات الدفع عبر الموبايل) من اجل ايصال الخدمات المالية والمصرفية لنحو(20) مليون نسمة من سكان البلاد لم تصلهم الخدمات المصرفية حيث تغطي البنوك المحلية الان بخدماتها نحو (6%) من سكان البلاد أي (1.5) مليون نسمة، بينما نستهدف بالخدمات الجديدة عبرالدفع بالموبايل والمحفظة الالكترونية نحو(20) مليوناً من السكان وسترى هذه الخدمات النور خلال يوليو الجاري، بينما سيتم تدشين الدفع بالموبايل بنهاية هذا العام بالتنسيق بين شركات الاتصالات وبنك السودان المركزي والبنوك التجارية وتابع : ( لازم نتعاون مع شركات الاتصالات وهنالك لجنة مشتركة بين بنك السودان والبنوك وشركات الاتصالات والهيئة القومية للاتصالات لتقديم خدمات الدفع عبر الهاتف السيار ويجرى الان حوار وتنسيق لوضع معايير للخدمة، كما لدينا اجتماعات مستمرة مع شركة زين فى اطار وكلاء بيع الرصيد وخدمات الرسائل القصيرة كتنبيه عملاء المصارف بالرصيد والحسابات و خدمة شراء الكهرباء وتحويل الرصيد عبر الموبايل). وفى السياق أكد الفريق طيار الفاتح عروة العضو المنتدب لشركة زين السودان ان الشركة منذ تأسيسها قبل نحو (15) سنة ظلت تسهم في دعم الاقتصاد الوطني بما تقدمه من خدمات اتصالات وتقانات سهلت التواصل بين انحاء البلاد ليقفز ما انفقته الشركة فى البنيات التحتية الى مليارات الدولارات بانشاء الابراج والمحطات بالولايات والتي قفزت من (293) محطة في العام 2006 بعد ايلولة الشركة الى المستثمرين الجدد الى (2000) محطة، كما قفزت اصول الشركة من (500) مليون دولار الى (2) مليار دولار ، فيما تم صرف (1.5) مليار دولار على تطوير شبكة زين واردف : ( الارباح لم تحول الى الخارج ، وإنما استثمرت في داخل الشبكة في استثمارات اضافية). واضاف عروة : دخلنا في العام 2011 بلغ نحو (2.9) مليار جنيه وبلغ صافي الارباح بعد خصم الزكاة والضرائب نحو (732) مليون جنيه ، بينما يتوقع ان تنخفض الارباح خلال هذا العام الى نحو (600) مليون جنيه نتيجة لتأثر اعمال الشركة بما يتأثر به الوضع الاقتصادي في البلاد ، مبيناً المبالغ المالية المحققة من الايرادات والبالغة (2.9) مليار جنيه ما بين العائد وصافي الارباح كلها ذهبت داخل جسم الاقتصاد السوداني، فضلا عن ان (10%) من هذه الاموال تذهب لقنوات التوزيع من وكلاء وبالتالي عادت على الاقتصاد و نحو (250) الف اسرة بالبلاد استفادت من هذا الدخل مباشرة. ونوه عروة فى حديثه في مؤتمر صحفي اطلقت خلاله شركة زين خدمة الحساب بالثانية الى ان عائد الحكومة من شركة زين بلغ نحو (160) مليون جنيه عبارة عن ضرائب، ونحو (530) مليون جنيه ضريبة قيمة مضافة تتحصلها الشركة الى جانب ضرائب ارباح الاعمال . وتوقع عروة ان تقفز مساهمة شركة زين فى ايرادات الحكومة خلال هذا العام الى (1.3) مليار جنيه أي ما يعادل نحو (20%) من حجم الايرادات التي فقدتها الحكومة نتيجة لتتوقف عبور نفط الجنوب عبر الاراضي السودانية وتابع : ( ما فقد من ايرادات البترول ساهمنا فى تعويضه كشركة اتصالات مما يؤكد هذا ليس استثمارا اجنبيا يسعى فقط للربح ، بل استثمارا يساهم مساهمة حقيقة فى الاقتصاد الوطني).