اخذ المهندس جودة الله عثمان، مدير هيئة المياه بولاية الخرطوم وقتا حتى اتيح لي اجراء الحوار معه، وكان التأجيل بسبب مشاكل المياه التي اسهمت جهوده وانخفاض درجات الحرارة في حلها، واخذت انا وقتا ايضا حتى تسنى لي نشر الحوار..فجاءت المادة الصحفية في غير وقت الذروة بالنسبة لمشاكل المياه. ولكن مع ذلك تبقى جهود الهيئة لحل الازمة التي افاد بها المهندس جودة الله في الحوار جديرة بالتوثيق والنشر، وفوق ذلك تظل اسئلة المواطنين وشكاواهم هي الاساس الذي بني عليه الحوار. *الآن انقشعت سحابة الصيف بصورة كبيرة، هل انتهت أزمة شح المياه بصورة نهائية؟ - استطيع ان اقول اننا تجاوزنا الازمة الى حد كبير جدا، المياه الآن متوفرة في اكثر المناطق الحضرية او كلها تقريبا، لكن هناك اشكالات في الحارات والمربعات القديمة والقرى، وشح المياه ليس له علاقة بالوفرة والانتاج سواء في المحطات النيلية او الآبار الجوفية، ولكن بسبب الخطوط الناقلة وتمديد الشبكات او وجود كسورات في بعض المناطق..وعموما فإن هذه المسائل تحدث لعدة ساعات، وتتم معالجتها فور ورود البلاغ..نحن نتمنى ان تصلنا البلاغات بسرعة حتى نتحرك بسرعة. * حتى لو سلمنا جدلا أنكم تجاوزتم أزمة الصيف الحالي، ماهو الضمان ألا تحدث نفس المشاكل الصيف القادم؟ - لدينا خطة استراتيجية لتوفير البنيات الاساسية لانتاج المياه، في جانب المحطات النيلية زاد انتاج محطة المنارة الى( 50%) ومحطة المقرن الى( 12%) وسوبا( 7%) ومحطة بحري لا تزال في زيادة مستمرة..وفي جانب الآبار فإنها زادت بحوالي( 70) بئرا، كل هذه الزيادات يجب ان تؤخذ في الحسبان، لانها تشير الى عمليات التوسع المستمر في انتاج المياه لمقابلة المتطلبات. * هذا الحديث تكرر كثيرا، من أكثر من مدير لهيئة المياه، وفي كل صيف قادم تتكرر الأزمة؟ - الخطة التي ذكرتها(نحنا شغالين عليها)، وهذه الخطة قمنا بتفعيلها، بالاضافة الى الدعم السياسي من الوالي والوزير المختص، والخطة تمضي رغم التغييرات في سعر الصرف فيما يتعلق بمنتجاتنا التي تأتي من الخارج، وقد وجدنا تجاوبا في هذا الخصوص من البنك المركزي. * هل هذا وعد جازم، بأن الصيف القادم لن يكون فيه شح مياه؟ - بإذن الله، الصيف القادم سيشهد وفرة في المياه، هناك تقدم في تمديد الشبكات واحلال القديمة منها، وبداية مشروعات لتخزين المياه، كما ان هناك انطلاقة للقطاع الخاص في عمل مصانع لمواد التنقية والتعقيم، بالاضافة الى توفير متطلبات استيراد هذه المواد لتفادي عكورة المياه. *البعض يقول إن معالجة الهيئة الاسعافية لتوفير المياه كان على حساب النوع؟ - ماذا تقصد؟ * اقصد ان الهيئة تقوم بتوفير المياه عن طريق الحفر السريع للآبار، ولكن هناك شكوى من الروائح الكريهة لهذه المياه؟ - الارض طبقات كما تعرف، ونحن نحفر الآبار في مواقع المياه الصالحة للشرب، وبالمناسبة ليست الرائحة دليلا على عدم صلاحية المياه للشرب، المياه المنتجة من الآبار تخضع لاختبارات وقياسات قبل ان يتم تزويد المواطنين بها، واذا وجدنا انها غير صالحة للشرب فلن نتوانى عن اغلاق البئر، وقد فعلنا ذلك في بئر الري المصري، وأخرى في الشقلة. * كيف يمكن ان تكون رائحة المياه متغيرة، وفي نفس الوقت تكون صالحة للشرب؟ - تغير الرائحة ناتج عن وجود عنصر الحديد في المياه، ويمكنك ان تلاحظ ان مياه الآبار تكون حارة وهذا يساعد على جعل رائحة الحديد نفاذة، ولكن تختفي الرائحة بمجرد تبريد المياه. * لماذا لا تتم معالجة الرائحة؟ - معالجة الرائحة مكلفة جدا..وعلى العموم وفي المستقبل القريب لن نكون بحاجة الى معالجة الرائحة لأننا سنلجأ الى مياه النيل بصورة كاملة، لأن من ضمن خطتنا الاستراتيجية ان يشرب كل سكان الخرطوم من النيل فقط. * لماذا تريدون الاستغناء عن الآبار الجوفية؟ - ليس كذلك، الموضوع ليس استغناء، ولكن نحن نريد ان نبني مخزونا استراتيجيا من المياه الجوفية، من الافضل ان نحتفظ بالمياه الجوفية للمستقبل، بدلا من ان نستهلكها حاليا، كما ان مياه النيل اكثر عذوبة. * هل هناك مدى زمني معين وبعدها تشرب الولاية من النيل فقط؟ - نعم، بعد خمس سنوات من الآن ستشرب الولاية كلها من النيل، وتظل الآبار (احتياطيا استراتيجيا). * ماذا ستفعلون بالآبار الموجودة، هل ستدفنونها؟ - لن نهدمها ولن ندفنها، بل سنحافظ عليها. * البعض يقول ان الهيئة تعمل بدون قاعدة بيانات حقيقية بعدد المستهلكين الفعليين وطالبي الخدمة، ولذلك تواجه صعوبة في توفير المياه؟ - هذا غير صحيح، المعلومات متوفرة للهيئة، سواء من رئاسة الولاية، او من منسوبينا او من الطلبات التي ترد الينا من المواطنين، ولكن توفير المياه مكلف، خاصة فيما يتعلق بالمحطات النيلية والشبكات،ومواد التنقية، لذلك لا يكون عدم توصيل المياه بالصورة المثلى راجع الى غياب المعلومة، وانما لتسلسل الخطة. =واصل= - الخارطة الاستراتيجية للولاية بطرفنا، وندرك ان هناك ضغطا على الخرطوم اكثر من المتوقع بسبب الهجرة والنزوح، وهناك مناطق طرفية عديدة. * كيف يمكن توفير المياه لكل هؤلاء، أليس الامر اشبه بالمستحيل؟ - الحد الادنى هو ان يكون لدى المواطن مصدر مياه، ونحن نعمل في مد الشبكات على مراحل، هناك حاجة الى الانابيب الجيدة، والشبكات القديمة تحتاج الى احلال. * بالنسبة الى فاتورة الاستهلاك هل تغطي حاجة الهيئة؟ - يقيني ان كلفة انتاج المياه وتوصيلها هي ضعف ما يدفعه المواطنون، ولكن متى ما تحسنت ظروف البلد كلها فعندها يمكن النظر في امر الفاتورة. * يعني هذا ان هناك اتجاها لزيادة الفاتورة؟ - الآن ليست هنا نية لزيادة الفاتورة، الابقاء على الوضع الحالي هو جزء من سياسة الولاية لتخفيف اعباء المعيشة على المواطنين، المياه امر ضروري لا بد لكل شخص من الحصول عليه بغض النظر عن وضعه الاقتصادي. * لكن من الانصاف ايضا ألا يتحملها المواطنون بالتوازي؟ - الفاتورة الآن مقسمة، ولها علاقة بالاستهلاك حسب طبيعة المنزل. * محاولة ربط استهلاك المياه بالكهرباء، اثارت الكثير من اللغط، هل هي محاولة من الهيئة لتحسين ايراداتها؟ - الهيئة مؤسسة خدمية وليست ربحية وهي مدعومة من الولاية، وربط الفاتورة مع الكهرباء هي محاولة لمزيد من تقليل الصرف على التحصيل، وتخفيف العبء على المواطن من كثرة المتحصلين الذين يطرقون ابوابه. * هذا اعلان عن عجز الهيئة عن تحصيل ايراداتها بصورة منفردة؟ - هذا استثمار افضل وليس عجزا عن التحصيل، ما المانع من ان استفيد من مؤسسات حكومية اخرى؟ اعتقد ان هذا هو عين تقليل الصرف الذي تسعى له الدولة، وهذا سيعود بالنفع للعاملين بالهيئتين. * الهيئة لديها في الصيف مشكلة شح المياه وعدم توفرها، وفي الشتاء مشكلة الكسورات واهتراء الشبكة، كم تحتاج الهيئة من الاموال حتى تعالج قضية الشبكة؟ = اجاب بعد صمت قصير: - كتقدير اولي حوالي اربعمائة وخمسين مليون دولار لاصلاح الشبكات، ونحتاج الى حوالي خمس سنوات لاحلال الشبكات القديمة. * هناك شكوى متكررة من تباطؤ الهيئة في الاستجابة للبلاغات؟ - البلاغات إما ان تكون حول انقطاع المياه، او تتعلق بالكسورات، بالنسبة للقطوعات فليست لدينا مشكلة في مصدر المياه، لكن قد تكون عندنا مشكلة في الشبكات، وكلما كان البلاغ مبكرا نقلل من شح المياه في اية منطقة، اي بلاغ يمكث لمدة طويلة هذا يعني ان البلاغ غير واضح وللفائدة اي مشترك لديه مشكلة عليه الاتصال 3131، او 013422870 او0155776535 . * استخدام مواد التنقية اثار جدلا حول الضرر الصحي لها؟ - مواد التنقية كلها يتم اختيارها بحيث لا تسبب ضررا للانسان ولا الحيوان ولا النبات، والمواد التي نستوردها بغرض التنقية تخضع للفحص والاختبار من جهات داخلية وخارجية، لذلك اؤكد انه لا مشاكل في مواد التنقية. * يبدو انك مدير محظوظ فعلا، لأنك استطعت ان تجتاز امتحان الصيف دون الاطاحة بك؟ - ماذا تقصد؟ * الذين سبقوك في المنصب تسببت أزمات الصيف في مغادرتهم؟ -(ما حقو تقول كلام زي دا) الذين سبقوني بذلوا جهدا كبيرا، وقاموا بأعمال ضخمة، المهندس خالد علي خالد مكث ثماني سنوات في المنصب، والاخوان فاروق الطيب والشيخ حاج حمد، هؤلاء لم يتم اعفاؤهم بسبب الصيف.