قبل سنوات مضت تزينت الخرطوم بثوب من الجمال ، بفضل الحدائق العامة التى أضحت تحت متناول (الغاشى والماشى) ، أي ممن تعبت أنفاسهم من لهث الحياة ، استمرت الحدائق بضعة أشهر محافظة على رونق الخضرة ، منذ تبنى الولاية سياسة المساحات الخضراء في العاصمة ، ولكن لم تدم طويلاً ،حيث اختفت ملامحها خلف اليابسة بفعل الجفاف الذي اصابها جراء الإهمال ، ومن ضمن الحدائق التى تعانى ويلات التصحر حدائق (النخيل) ، الواقعة على امتداد الشارع المؤدى لمنطقة الفتيحاب ، حيث كانت ملاذا لسكان المناطق القريبة من الفتيحاب ، ففي ساعات المساء تزدان ساحتها بالزوار وهم ينتشرون فيها ، وينثرون حولها الفرح خاصة في أمسيات رمضان ، عندما يتحول بساطها الاخضر ساعة الافطار ل (كرنفال) يحتفى بالأسر التى تكسر روتين المنازل، وتفضل قضاء ساعات الافطار فيها ، ولكن تستقبل الحدائق رمضان هذا العام ب (جفاف وتصحر) ، ليست حدائق النخيل وحدها التى تعانى من موجة الجفاف فهناك مساحات خضراء تحول لونها إلى اصفر مثل المساحة الواقعة جوار نفق جامعة السودان وغيرها من المساحات الممتدة على شارع النيل ، ما يحدث للساحات (الصفراء) اقصد الخضراء، يثير عددا من الاسئلة: لماذا يفتر الاهتمام بمتابعة أمر الحدائق العامة بعد إخضرارها ، وكيف ينفق المسئولون بحماس أموال في شراء (شتول) زينة ثم تركها تموت ببطء تحت رحمة العطش ؟ وهل سقي الأشجار من الأمور الصعبة والمكلفة أي ذات تكاليفها تفوق امكانيات الولاية ؟ ام حس الجمال لا وجود له لدى العاملين في هذا الشأن ؟ نتمنى أن يعيد الوالى للحدائق العامة رونقها المفقود ، لان جمال المدن يكمن في الاعتناء بالمساحات الخضراء والنظافة ، الا أن كليهما باتا في حكم المستحيل .