تسكننى قناعة لا تُزلزلها الزلازل ولا تُبركنها البراكين بأنّ الجلوس مع قيادات قطاع الشمال لتناول وجبة عشاء هو فى أحسن حالاته نشاط علاقات عامة بدرجة أعمال شاقة، أمّا الجلوس معها للتفاوض فإنّها محاولة للإنتحار الجماعى على الطريقة اليابانيّة (الهاراكيرى)! على غير ما اعتادت عليه أجواء المفاوضات بدأت مباحثات اديس ابابا بين حكومة السودان وقطاع الشمال بمبارزة بيانيّة، الطرفان تسابقا فى إصدار بيان... أمين قطاع الشمال فى بيانه يقول انّ المفاوضات لبحث المسار الانسانى، أمّا المسار الامنى فقد أبدى الأمين دهشته لحالة الحب المفاجئة من المؤتمر الوطنى للقطاع! ووفد المؤتمر الوطنى بادل البيان ببيان شرح فيه لماذا هو الآن فى اديس، لكنْ أهم ما قاله البيان انّ مرجعيته فى هذه المفاوضات هى نيفاشا، إشارة واضحة بأنّ الوفد يلعب بعيداً عن ملعب نافع/ عقار! وعندما يجرى على لسان وفد انّ مرجعيته نيفاشا فإنّ ذلك من الممكن أنْ يُفهم بطريقتين: أنّ بروتوكول المناطق الثلاثة فى نيفاشا هو المرجع، أو أنّ بروتوكولات قسمة السلطة والثروة والترتيبات الأمنيّة قابلة لإعادة الإنتاج فى جنوب كردفان والنيل الأزرق! موقفان وفريقان فى الجبهة الداخليّة أمام مباحثات اديس، فريق وموقف يرى أنّ التفاوض لا مفرّ منه فالحكومة لا تستطيع الاستمرار فى حرب القطاع فى اقليميه وليس بوسعها أداء صلاة الجمعة فى كاودا... وهو قول يمتطيه الخطأ على ظهره، فالأولى بالتفاوض فى هذه الحالة هى الأحزاب المعارضة، مفاوضات بالخرطوم وليس فى اديس! وفريق وموقف آخر يرى أنّ التفاوض مع قطاع الشمال رِجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه، وهى مشاعر سياسيّة جيّاشة يمكن الاحتفاظ بها رصيداً فى البنك الوطنى، ومكافأة هذا الفريق والموقف بتحقيق أصعب النتائج التفاوضيّة: (تأديب) قطاع الشمال على طاولة التفاوض! التفاوض مع قطاع الشمال بعضٌ ممّا ورد فى الصحف الأولى، صحف ابراهيم وموسى، عبء تنوء به العُصبة أولو القوّة، فهى مفاوضات مع الكوماندوز الأمين العام لقطاع الشمال بالحركة الشعبيّة ومع عقاره وحلوه، ليس بمقدور عبيد وحده ولا ادريس ولا هارون أخى!!