ترابيز خشبية متهالكة إلتصقت ببعضها البعض بأسواق جاكسون، مقتسمة سقفاً مصنوعاً من (الخيش والمشمعات ) للحد من حرارة الشمس الحارقة، ممرات ضيقة خنقتها كميات من السلع المعروضة، التي تجاوزت مستوى الواجهات وتعدت حدود الأرصفة لتحتل جانباً من الطرقات والشوارع، إكتظاظ بشري هائل خلال الفترة النهارية من شهر رمضان المبارك، حيث يتدفق المقبلون على السوق من أجل إقتناء حاجياتهم من ملبوسات وأحذية وإكسسوارات، ومواد غذائية (سكر،عصائر جافة ،ألبان ،أرز ،خضروات) وغيرها من السلع الغذائية الأخرى .هذه الأيام هي أيام الفوضى الحقيقية لعمليات العرض والطلب، استغل فيها بعض الباعة ضعف المواطن أمام أية سلعة منخفضة السعر، فقد حظيت السلع الغذائية المعروضة في أسواق جاكسون بإقبال لا مثيل له من جانب المواطنين ، تهافت غريب وعجيب من المواطنين على تلك السلع المعروضة عشوائياً و(كأن هناك مجاعة قادمة )، بالتأكيد أن السبب هي الظروف الإقتصادية الطاحنة وإرتفاع الأسعار، وأن يجد المواطن سلعة رخيصة الثمن شئ جميل، ولكن أن يقوم بشراء سلع غذائية يصرف عليها كل ما في جيبه سراباً، فهذا أمر يقتل في الوقت الراهن. وهذا الأمر انطبق على المواطن ( محمد الأمين) أستاذ جامعي، قام بشراء سلع غذائية من أحد الباعة بسوق جاكسون بلغت قيمتها حوالي (300) جنيه، تمثلت في ( صلصة ، وقمر دين ،وعرديب ، وروزانا ،وحلو مر، وعصائر جافة بالكميات ) ، وعند إستخدامها تفاجأ بتغير في طعمها ولونها، وتأكد له بما لا يدع مجالاً للشك أنها منتهية الصلاحية .وثبت من خلال استطلاع ل( حضرة المسؤول ) مع عدد من المواطنين أن السلع التي تباع في سوق جاكسون (مغشوشة) ولا فائدة من شرائها ، ما يدهش .. رغم علم المواطنين بذلك يتهافتون على شراء سلع أخذت نصيبها من الغبار والحرارة ويمتلكها المستهلك دون طرق باب الجودة التي فقدتها، بسبب عرضها في مكان لا تتوافر فيه شروط صحية. والواضح أنه في ظل ثقافة كل شئ مباح مع غياب الرقابة الصحية وضبط عملية البيع والعرض، يستمر سيناريو الخروقات أمام الأعين المسؤولة التي تكتفي (بالتفرج ) على تلك المهزلة التي تحمل بين طياتها (فاكهة أو عصائر او مأكولات ) فقدت لونها من كثرة حرارة الشمس .تلك الأسواق حولتها أشعة الشمس إلى حمام ساخن يهدي للمواطنين هدية متواضعة عبارة عن سلع فاسدة بأقل الأسعار. هذه الكارثة الحقيقية يترنم على نغماتها عدد من الأسواق بولاية الخرطوم وسط ضجيج لا مثيل له .