اختار الباشمهندس الطيب مصطفى أن يضعنا في زُمرة المنبطحين لأننا انتقدنا دعوة بعض الأئمة لاستمرار الحرب في المنطقتين وطالبناهم بالكف عن ممارسة الوصاية على قرارات الدولة دون تقديم بديل للهتاف والعويل، وقلنا إنه من غير اللائق إقحام فتاوى (يجوز ولا يجوز) في التعامل مع ملفات سياسية تستعين دولتنا ذات المرجعية الإسلامية على إنجازها بمستشارين ومسؤولين مسلمين، وتضع لها من الإستراتيجيات والبرامج ما يتوافق مع منهجها السياسي والأخلاقي.والمعروف أننا لم نستبق قرار الدولة بالدعوة للدخول في التفاوض مع قطاع الشمال، ولا أدري لماذا يصفنا الباشمهندس بالمنبطحين، ويضعنا في عدّاد المنافقين المخذلين عن الحرب ودونه الدولة ومؤتمرها الوطني وقيادتها السياسية، التي أقرت التفاوض منهجاً لم يصرفها عن أداء دورها في الذود عن البلاد وقطع كل من تمتد يده لينال من عزة أهلها ودينها وسيادتها، فماذا يضير الطيب ان وضعت الحرب أوزارها بالحوار الذي لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن البندقية.الطيب مصطفى يعلم أن بيننا وعرمان وقيادة قطاع الشمال مساحات من الظنون والارتياب والود المفقود، ونحمد الله على أننا نقف الآن في منطقة متساوية بين الطيب مصطفى وياسر عرمان، كل يصنفنا حسب رغباته وأمانيه وأحلام مشروعه الاستئصالي، وهذا لا يهمنا في شئ طالما أننا نقف مع مصلحة هذا الوطن العزيز المثخن بجراح التطرف والتصعيد، والمنهك بادعاء بعضنا بأنه أكثر وطنية من الآخرين.الباشمهندس الطيب يعلم أنّنا لم نظاهر قطاع الشمال ولا قيادات الحركة الشعبية ضد مصلحة الوطن، وتشهد مقالاتنا ومواقفنا على ما ظللنا ننتهجه من انتقاد لسلوك ومغامرات قطاع الشمال والحركة الشعبية ودولة الجنوب بشكل عام، غير انّ هذا لم يمنعنا من التنبيه إلى ضرورة أن يظل باب الحوار مشرعاً والتأكيد على أن وطننا يسع الجميع، وأن البديل للحوار هو المزيد من القتل والدمار والاستنزاف وإهلاك الحرث والنسل، ولا أعتقد أنه من دواعي سرور الباشمهندس أن يصنف داعية حرب لا يضع نقطة وليس في قاموسه أي (سطر جديد).نعم ترك الطيب مصطفى أجهزة المؤتمر الوطني وقيادته التي أقرت مبدأ الحوار، وطفق يكيل لنا من الأوصاف ما أخرجنا عن الملة وكاد، ولكنا يا باشمهندس مثلما خبرتنا لا نرضى الدنية في ديننا ولا دنيانا غير أن ما ظل يمارسه البعض من تعبئة للمنابر ضد سياسات الحكومة وتوجهاتها إرضاءً للرغبات والأماني أمر لن يفضي إلى دولة متسامحة تحكمها المؤسسية ويسوسها القانون.عزيزي الباشمهندس أنت تعلم أنني أكن لك احتراماً وتقديراً كبيراً، غير أن هذا لا يمنعني من أن أسبح ضد رغباتك وأدعوك لإعادة البصر كَرّتين في الظرف الذي يواجهه السودان، نحن لم نقل إن قطاع الشمال (سمن على عسل) غير أن الواقع الذي باركته الدولة وصمتم عنه في وقت بَحّ فيه صوتنا من الصياح جعله جزءاً من منظومة دولية لمعالجة أوضاع البلاد بعد أن دخل قرار مجلس الأمن ب (المزيكة)، سنجافي المنطق إن حملنا الدولة على المواجهة في ظل أزمات سياسية واقتصادية معلومة تتطلب منكم يا باشمهندس الدفع باتجاه وقف النزيف والكف عن دق طبول الحرب عبر منابر تفننت في تعبئة مشاعر المسلمين ضد جهود الدولة لتحقيق الأمن والسلام ورمضان كريم يا باشمهندس.