إحدى حبوباتنا الواقعيات اشتاطت غضباً من رفض حفيدتها الاقتران بشاب (مريّش وقروشو كتيييرة) بحجة أن اسمه (بله)، الحبوبة باغتت (البنية) بمنطق يختزل حكمة السنين وقالت وهي توبخها: (يا بت عَرِّسيهو وقوليلو هيثم). قدر من التشويش على رؤية بعض الدوائر للتفاوض مع قطاع الشمال يحدثه اسم (الحركة الشعبية)، ربما لم يفطن الوسطاء إلى أن هذا الاسم يثير (المصران العصبي) بالنسبة لعموم السودانيين ويرفع (الضغط والسكري) لدى قيادات المؤتمر الوطني وبعض المنابر والدوائر المؤثرة على القرار والحراك السياسي. لا أتخيّل أن الباشمهندس الطيب مصطفي مثلاً سيكف عن مقاومة أي حوار مع قطاع الشمال، طالما ظل هذا الاسم المثير لحنقه ولغضب السودانيين موجوداً في خلفية منصة التفاوض، كما أن الباشمهندس وأتباع منبره من المشايعين وعدد من أئمة المساجد الذين وصل بهم الاستياء حد الافتاء في الحوار مع قطاع الشمال على طريقة يجوز ولا يجوز، لن يقبلوا أن يكون ياسر عرمان جزءاً من التفاوض وإن جاء مُبَرّأً من كُلِّ عَيبٍ. وطالما أن المؤتمر الوطني يؤمن على مبدأ الحوار لحل قضايا المنطقتين، ويرسل له الوفود قَناعةً بجدواه في هذه المرحلة، فإن عليه وآخرين التخلص من (الشكلانية) التي يعبرون بها عن مواقفهم المتزمتة تجاه الحوار، وبإمكانهم أن يقبلوا على الأمر بطريقة (حبوبة وصاحباتا) بأن يفاوضوا (بله) ويطلقون عليه اسم(هيثم).. وأن يحاوروا عرمان ويعلنون أنهم يتحدثون إلى (ياسر). (الشكلانية) التي يتبعها المتحدثون في التعامل مع قضايا المنطقتين مثيرة للإشفاق على ما تبقى من وطن، ومحفزة على القلق إزاء المنطق الذي نحكم به الأشياء، فإذا قررت الحكومة التفاوض مع قطاع الشمال فما ضرها لو جاءت بعرمان أو عقار، ومن غير المنطق كذلك أن يكون اسم الواجهة التي ينتميان إليها سبباً في نسف الحوار وتجاهل القضايا الأمنية والإنسانية المعقدة التي تعيشها المنطقتان. للأسف فإن الحبر الذي أُريق في مناهضة هذا الحوار لم يكن موضوعياً ولا أميناً ولم يستند إلى الحقائق الأمنية والإنسانية على الأرض، وان الخطاب الذي صدرته المنابر والمساجد كان شكلانياً وعاطفياً وهو يحرك مشاعر الكراهية وينكفئ على الثأرات والرواسب القديمة. نحتاج لأن نكون موضوعيين وواقعين في التعامل مع خيارات الدولة الإستراتيجية بعيداً عن الهتاف والهياج، ونتمنى كذلك أن نبتعد عن التصنيف المضر لبعضنا لمجرد الاختلاف في وجهات النظر، ومن غير المنطق أن يحتكر أحدنا القوامة على تفكير الآخرين ويصنف نفسه صاحب (الحوزة الوطنية) بينما الآخرون منبطحون ومنافقون. أحد أئمة المساجد طالب ب (كسر أقلام) الصحفيين الذين يؤيدون الحوار مع قطاع الشمال - دا كلام دا يا مولانا - نتمنى أن (تدفع بالتي هي أحسن). هذه الأقلام اعترضت على التعامل مع حوار قطاع الشمال على طريقة (حلال وحرام ويجوز ولا يجوز)، فهل من العدل أن تنالها كل هذه السهام الصدئة؟ على الحكومة أن تتعامل مع الانتقادات (الشكلانية) بواقعية (حبوبة).. مع المدعو بله.