يبدو المشهد السياسي والأمني في مالى شديد التعقيد فالبلد الذي انشق عنه الشطر الشمالي ، يعيش صراعا سياسيا في المركز الذي تحكمه سلطة العسكر منذ مارس الماضي ، وفي الوقت الذي ينتظر فيه الافارقة تفويضا دوليا للتدخل عسكريا في مالي لإعادة الاستقرار الى شمال مالي والحيلولة دون تمكين تنظيم القاعدة من انشاء افغانستان اخرى في غرب افريقيا ، ،استعاد الرئيس المالي بالوكالة ديوكوندا تراوري تولي زمام الامور السياسية في باماكو عبر تقليص صلاحيات رئيس الوزراء الشيخ موديبو ديارا الذي اثار نشاطه القليل خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة انتقادات متزايدة ويبدو ان القرارات التي اعلنها الرئيس بالوكالة هي ما كانت تنتظره مجموعة غرب افريقيا لإظهار الجدية من قبل الماليين في حل ازمتهم حيث سارعت المجموعة الى اعطاء مالي عشرة ايام اضافية على المهلة التي انتهت في الثلاثين من يوليو الماضي لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية او مواجهة العقوبات ، ووضح دبلوماسي افريقي في باماكو لوكالة الصحافة الفرنسية ان المهلة الاضافية الممنوحة تمتد «عشرة ايام على الاقل وأضاف الدبلوماسي «مع الوضع الجديد الناشئ من عودة تراوري الذي امسك بزمام الامور مجددا، لن تفرض عقوبات على مالي بعد 31 يوليو. وفي خطاب القاه الاحد داعيا الى جمع الشمل اعلن تراوري العائد قبل يومين من ذلك من باريس حيث عولج بعد تعرضه الى اعتداء عنيف في مكتبه في 21 مايو في باماكو، ان بلاده تخوض «سباقا ضد الزمن» وان ساعة «الوحدة المقدسة» دقت ولم يقل الرئيس رئيس وزرائه الشيخ موديبو ديارا لكن ما اعلنه من انشاء هيئات انتقالية جديدة -- شكلت في أبريل لمدة سنة بعد انسحاب السلطة العسكرية التي نفذت انقلاب 22 مارس -- يقلص صلاحياته الى حد وضمن حزمة القرارات التي اصدرها الرئيس بالوكالة اعلن انه سيرأس المجلس الاعلى للدولة مع نائبين يكلف احدهما قضايا الدفاع والأمن وإدارة شؤون الازمة في شمال البلاد. خطاب الرئيس بالوكالة وجد اهتماما كبيرا في مالي وحمل بشريات بإمكانية حدوث انفراج سياسي في هذا البلد المضطرب، خصوصا تقليص صلاحيات رئيس الوزراء المثير للجدل الشيخ موديبو ديارا، عالم في الفيزياء الفلكية الذي تولى المهمة في ابريل الماضي ، و فشل في ايجاد معادلة فيزيائية لإنقاذ الاوضاع في مالي ، ووجد انتقادات من الطبقة السياسية في مالي التي دعته صراحة الى الاستقالة لعدم الكفاءة والمهنية وافتقاره الى استراتيجية لتسوية الازمة في شمال البلاد، فضلا عن عدم المطالبة رسميا بتدخل قوة عسكرية من مجموعة غرب افريقيا لمواجهة الاسلاميين وكذلك تسامحه مع الكابتن امادو هايا سانوغو قائد الانقلابيين الذين اطاحوا بالرئيس امادو توماني توري. خطاب الرئيس بالوكالة وجد اصداء واسعة حيث قال محمد ديارا عالم الاجتماع المالي باسم المجتمع المدني، ان خطاب الرئيس بالوكالة الذي استعمل «العبارات المناسبة» يشكل «منعطفا» و»من الواضح ان الصيغة الجديدة ستقلص صلاحيات رئيس الوزراء حقا. من جانبها اعربت فطومة سيري دياكيتي العضو في الجبهة الموحدة للدفاع عن الجمهورية والديمقراطية ، وهو ائتلاف احزاب ومنظمات نافذة عارضت انقلاب 22 مارس، عن ارتياحها «لتحديد الهدف وقالت ان «تراوري قام بتوزيع المهام لان بتوزيع الادوار فقط يمكن اخراج مالي من الازمة التي تتخبط فيها التطورات السياسية الداخلية في مالي رافقتها جهود اقليمية ودولية حثيثة من اجل الحصول على تفويض دولي ودعم لإعداد جيوش من غرب افريقيا للانتشار في الشمال لحفظ السلام ومواجهة تنظيم القاعدة الذي بات يسيطر على شمال مالي ، وفضلا عن الطلب الرسمي من مالي تدعو مجموعة دول غرب افريقيا (الايكواس) الاممالمتحدة الى التدخل حيث يقول الرئيس الحالي للمجموعة رئيس الكوت دي فوار الحسن وتارا : ان التدخل لا بد منه واجتمع رؤساء اركان في دول غرب افريقيا في ابيدجان للتحضير لإرسال قوة اقليمية الى مالي لمساعدة الجيش المالي على استعادة الشمال الذي يسيطر عليه اسلاميون مسلحون. وحذر قائد الجيش الايفواري الجنرال صومايلا باكايوكو، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا من ان «الوضع الامني في مالي يتدهور كل يوم .. وأكد مجددا أن بعثة المجموعة في مالي ستعمل على «مساعدة وتعزيز» المؤسسات الانتقالية في باماكو وعلى «دعم» الجيش المالي «بهدف استعادة وحدة اراضي مالي.» وتنوي المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا ارسال قوة اقليمية من حوالى 3300 عنصر الى مالي لكنها تنتظر تفويضا من الاممالمتحدة وطلبا رسميا من باماكو وتعتمد على مساعدة خارجية وخصوصا مساعدة لوجستية.