.... عادت أسراب البعوض تغزو العاصمة بعد أن تراجع وجوده في السنوات الماضية إلا في اماكن متفرقة.. وعلا صوت المواطنين يستغيث بالمحليات والسلطات الصحية بانقاذهم من لسعاته وأمراضه المميتة.. وبما أن أعقاب الخريف في كل السنوات يشهد نوعاً من إنتفاضة البعوض وظهور الأمراض التي ينقلها إلا أن السلطات الصحية كانت تستبق المخاطر بالرش الضبابي والرش بالطائرات وفي هذا العام وجدت الأحياء أهمالاً من السلطات الصحية.. «الرأي العام» تجولت في عدد من المناطق بشرق وجنوب الخرطوم وعايشت اوضاع المواطنين المزرية مع البعوض.. مناطق الخرطوم شرق واركويت والصحافات وأحياء جبرة خالية من برك مياه الأمطار أو المواسير المكسورة ولا ندري مصدر هذا البعوض ذو الشكل الغريب ... بعوض ضخم الحجم.. لا تدري من أين جاء.. ولكن غالباً، خرج من مياه مجاري الصرف الصحي الراكدة ... وخلال جولتنا في مربعات اركويت لاستقصاء المزيد من معاناة المواطنين من البعوض تحدث المواطن محمد الحاج قائلاً: كنا نتوقع من سلطات المحلية إستباق انتشار البعوض بالرش.. ولكن هذا لم يحدث... والمصيبة أنو نحن كنا سنقوم بالرش بانفسنا إذا كنا نعلم مواضع توالده.. لكننا لم نستطع تحديد مصادره، واستطرد بأنهم لا يستطيعون المكوث بدون مراوح والنوم بدون «ناموسيات» وهذه أول مرة نشاهد بعوضاً بهذا الشكل والكمية. -------------- «جبرة والفطور بلحة» كل مربعات جبرة تعيش لحظات مريرة مع البعوض مع أذان المغرب أي (وقت الإفطار) ويقول أحدهم بأنهم مع الأذان يتناولون بلحة فقط ويدخلون إلى بيوتهم هرباً من أسراب البعوض.. وأضاف ضاحكاً بأنهم يلجأون إلى أشعال أعواد الخشب لتشتيته ولكن، كأنه تعلم حيل البشر.. أو يستمتع برائحة الطلح ولا يتحرك قيد انملة. رجل عجوز يجلس أمام منزله ب «جبرة» أشار بعصاته قائلاً: البعوض بيجي من الناحية دي «مشيراً إلى الجنوب» وأعتقد من مياه الصرف الصحي. وقال عن معاناته مع البعوض: البعوض يظهر مع أذان المغرب وبكثافة لم نرها من قبل.. ونهشه حتى الصبح .. وأزاح كم جلبابه عن ساعده وقال: أنظر البيان بالعمل وبالفعل يمتليء ساعده بحبوب حمراء من كثرة الهرش واردف بقوله: «ما تقولو لي ناس الحكومة يجو يشوفو حالنا..». أما في «الصحافات» فحدث ولا حرج يسدل الليل استاره ولا صوت يعلو فوق طنين البعوض وكأنك في احراش الأمازون لا ندري من أين تأتي الوخزات.. ويداك تتحركان بطريقة مكانيكية تارة الي الأسفل وأخرى إلى الأعلى.. واحياناً تخترق وخزات البعوض المواضع المحمية بالمدرعات.. الزميل ابن عوف بادارة صحيفة «الرأي العام» يوصف معاناته مع البعوض بأنهم يأتون أربعة كل واحد منهم يتكفل بطرف بطانية ويرفعونها في وقت واحد ويتسرب خامسهم الى الداخل ويملأك طنيناً ووخزاً. المحليات.. في محلية الخرطوم دلفنا الى ادارة العلاقات العامة لاستخراج تصريح بأخذ معلومات من السادة مديري الوحدات الادارية بشرق الخرطوم.. ولكننا وجدناهم انصرفوا إلاّ واحداً منهم قال بأن الزمن إنتهى.. فذهبنا الى وحدة الشهداء بالصحافة إلاّ ان أحد العاملين بها رفض الحديث الا بإذن من المحلية.. ولكنه تحدث بعد ان وعدناه بعدم نشر اسمه حيث قال بأنهم بدأوا في الرش الارضي منذ يومين ولديهم خطة الرش بالطائرات. وقال مدير وحدة الشجرة بأن الوحدة انجزت مهامها في رش كل الوحدة «بالأرضى»... ورداً على سؤال «الرأي العام» حول اماكن توالد البعوض خاصة أن المناطق التي يكثر فيها «جافة» لا توجد فيها مياه راكدة.. قال مسئول بوحدة الصحافات بأن الأشكالية تكمن في مجاري الصرف الصحي. وتوقف انسياب حركة المياه داخل المصارف لاشكاليات هندسية، وقال بأن مشكلة توالد البعوض لن يحلها سوى تطهير المصارف وتأهيلها بصورة يسهل معها انسياب المياه دون توقف. (مرشوشة) ومنكوبة هل فقدت المبيدات التي يستعملونها في رش الأحياء مفعولها حيث لم يجدِ رش معظم مناطق الخرطوم بشيء ولم يعالج تكاثر البعوض؟.. أم ان الرش الأرضي لا يفيد في غياب رش الطائرات.. كل هذه الأسئلة طرحناه على أحد ضباط الصحة المتقاعدين حيث قال: معظم المبيدات المستعملة في السودان يا جماعة غير صالحة تماماً والمعالجات التي تتم في أيام الخريف الأولى بصب «زيت الراجع» لا يفيد بعد «جفاف المياه» في الأحياء وهناك طريقة يجب أن تتبعها السلطات الصحية هي البدء بالرش الجوي حيث يتم انزال البعوض الى الارض وبعد ذلك نقوم بالرش الضبابي الذي يقضي عليه تماماً.. قلت له: لكن كيف يكون المبيد غير صالح؟ رد قائلاً: نعم .. بعض المبيدات غير صالحة.. وبعضها يستعمل «الرشاشون» كمية مياه اكثر من الكمية المعينة مما يؤدى إلى إنتفاء فائدة المبيد بالكمية الكبيرة من المياه.