رسم الوضع البيئي المزري الذي خلفته الأمطار التي هطلت في الأيام الماضية، صورة مأساوية وقاتمة يصعب توصيفها، ما أن توقف هطول الأمطار حتى جاءتنا الأنباء بانهيار وسقوط عشرات المنازل والمرافق العامة بالعاصمة والولايات ، وامتلأت الشوارع عن آخرها بمياه الأمطار وتحولت إلى أنهار لكنها ساكنة غير متحركة ، واستمر المنظر بهذه الصورة بدون تصريف ولا شفط ولا ردميات للعبور إلا بالجهد الشعبي المتدفق من أصالة وشجاعة ونخوة السودانيين ، ومعلوم أن الأمطار عندما تهطل فإنها تطهر الجو من الغازات والملوثات كالنتروجين والكبريت وذرات التراب وغيرها مما هو عالق بالجو والهواء ، وكل هذه الملوثات تصل سطح الأرض مع الأمطار ، وبالطبع حسب الوضع المأساوي للشوارع والطرقات فإن هذه المياه تظل راكدة إلى أن يشاء الله أمراً كان مفعولا ، ولا تحرك محلية ولا ولاية أي جهود محسوسة لمكافحة وتصريف هذه المياه. بالتالي تصبح هذه المياه ملوثة ، وبعد عدة أيام يصبح لون الماء في تغيير مستمر من اللون العادي للماء إلى اللون الأخضر شيئاً فشيئاً ، ثم يتحول اللون إلى أسود ، ثم يمر بمراحل الجفاف الطويلة والعريضة ،والمواطنون سئموا من التصريحات التي يدلي بها المسئولون بأن المياه تم تصريفها والأمور تحت السيطرة . سكان مناطق عديدة بولاية الخرطوم زارتهم صفحة (حضرة المسئول) ووجدت المياه ساكنة كما هي ، ومايشكو منه المواطنون الآن هي الروائح الكريهة التي بدأت تسمم الأجواء من هذه المياه ، وأسراب البعوض والحشرات التي بدت تشكل حضوراً كثيفاً وعريضاً منقطع النظير ، هذا إلى جانب الموسيقى الصاخبة التي تعزفها الضفادع من بعد مغيب الشمس وحتى شروقها ، المواطنون حمَّلوا صفحة (حضرة المسئول) رسالة لوالي الخرطوم د . عبد الرحمن الخضر وأركان سلمه ومعتمديه بمحليات الولاية المختلفة والمسئولين بغرفة العمليات المركزية بوزارة التخطيط والبنى التحتية والهيئة العامة للطرق ومصارف الأمطار ، بأن يزوروا الأحياء والمناطق السكنية ليقفوا على تصريف المياه ومصارفها ، كما يناشدوا وزارة البيئة وإدارة الصحة البيئية بالمحليات بتعقيم ورش هذه البرك غير المتحركة حتى لا يتحول الحال إلى مستنقع ناقل للأمراض الخطيرة فالوقاية خير من العلاج.