يسيطر على ذهني تساؤل، ولكن لا أدري هل هو يناسب المؤتمر الوطني أم وزارة الخارجية؟..قبل أن أورد التساؤل من اللطيف أن أشير إلى أن مصدره هو الصورة المختلفة حد التناقض لوضع البعثة الدبلوماسية السودانية في جوبا، والأخرى لسفارة دولة جنوب السودان في الخرطوم.سفير دولة الجنوب يحظى باهتمام سياسي ملحوظ لا تخطئه أعين المراصد الصحفية، ليس بالضرورة أن يكون هذا الاهتمام السياسي مصدره الحكومة فقط، القوى السياسية المعارضة أيضا تهتم كثيرا بسفير دولة الجنوب، ويبدو أن هذا الاهتمام متبادل الى حد كبير.السفير الجنوبي استثمر هذا الاهتمام بصورة ذكية ولطيفة تناسب وضعه الدبلوماسي الناعم، فأقام مأدبة إفطار رمضان في فندق برج الفاتح دعا لها مختلف القوى السياسية، ويبدو أن الرجل آثر ان يتخلى عن وحدة القياس المعروفة(أقصى اليسار، أقصى اليمين..الخ) فعمم دعوته حتى على منبر السلام العادل ورئيسه الطيب مصطفى.وخلال فترة العيد طاف السفير على مختلف القوى السياسية: المؤتمر الشعبي، والحزب الشيوعي، ولم ينس أن يجلس الى الدكتور مطرف صديق سفير السودان المرشح لدى دولة الجنوب.ربما يكون هذا النشاط الملحوظ للسفير الجنوبي ذا مسحة وطابع اجتماعي لا يقترب كثيرا من الشأن السياسي الذي يفتقر الى ضفاف تستريح فيها النفوس من الشحناء والدهاء والمكر والخديعة، وربما مارس السيد السفير(بوليتيكا) في خضم ابتساماته وتواصله الاجتماعي وأنسه اللطيف..من يدري؟. في المقابل يسهل تصور كل شيء في جوبا، إلا منظر القائم بأعمال السفارة السودانية وهو يلتقي نشطاء جنوبيين، أو سياسيين من أصحاب الوداد القديم أمثال عبدالله دينق نيال أو موسى المك كور، أو غيرهم من الكوادر السياسية التي تقلبت في العمل العام بالسودان القديم..هذا المنظر ممنوع تصوره في جوبا، ببساطة لأنه لا يوجد أصلا.حتى الرعايا السودانيين هناك يتعاملون بحذر شديد مع سفارة بلدهم، والسبب هو أن الخوف يسيطر عليهم من أن يتم تصنيفهم كجواسيس سودانيين في دولة الجنوب..ربما يكون السبب في هذا الحذر طابع العداء الذي وسم علاقة البلدين الفترة الماضية.لن أنسى أن أورد تساؤلي بعد هذا الاستطراد: إذا كانت قيادات الجبهة الثورية تنشط (فلنقل سياسيا) في جوبا مثل نشاط السفير الجنوبي، في الوقت الذي تعاني فيه سفارة السودان بالجنوب..هل ستفكر الخرطوم في افتتاح مكتب للمؤتمر الوطني بجوبا، على غرار مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة. حاشية ربما نفرد حيّزًا لمكتب الوطني في القاهرة غدًا.