كالعادة .. من اللجان تنبثق لجان ثم لجان فرعية ثم مسلسل طويل من المسئوليات غير المرتبطة بأولويات البلاد والعباد .. هكذا يقول واقع الحال طبقاً لما نقلته تقارير إعلامية عن استعانة الخرطوم بخبراء فى مفاوضات الجولة الأسخن مع جوبابأديس أبابا .. الخرطوم تستعين بخبراء أجانب فى مفاوضات أديس أبابا ، خبر قابلته قهقهات الساخرين من المناصرين للإنقاذ قبل معارضيها ، وفى المخيلة ترحل ثلاثة وعشرون عاماً من التفاوض فى كل شىء، وحول كل شئ، لتتحول القهقهات إلى نوع من المرارة التى تخنق الحلوق.. الخرطوم بطبيعة الحال أكثر العواصم التى تشهد هجرة للعقول بسبب الأوضاع المزرية التى مست عصب كل شئ في مختلف الضروب، وبالرغم من ذلك لا تحتاج إلى خبراء خصوصاً من أهل الولاء المتجذر بفعل عقود التمكين.. وبالأخص خبراء الأمن والسياسة ، وقوائمها فى هذا الشأن الأكثر إتراعاً لتكون متخمة بأسماء تمتد من نيفاشا وحتى أديس أبابا بدءاً بالنائب الأول على عثمان، ود.نافع على نافع مساعد الرئيس، ثم إدريس عبد القادر ويحيى الحسين ومحمد مختار، وسيد الخطيب ومطرف صديق مروراً بالدريرى محمد أحمد انعطافاً للخير الفهيم، وكمال عبيد، وقوش، ومحمد عطا ، وإبراهيم محمود، والتكنوقراط عمر دهب، وعوض عبد الفتاح، بالإضافة لبروفيسور عبد الله الصادق وتيمه حدوده الفني ، مروراً بالنفط وجهابذة ضياع الثروة السوداء.. الأمر بدا مشابهاً لذات سيناريو استخراج المستندات الرسمية فى الخرطوم ، فكلما خطى المواطنون خطوة لاستخراج وثيقة طولبوا بإحضار ذات المستندات بالرغم من اعتماد كل وثيقة رسمية على الوثيقة التى قبلها بما يكفى لإعتماد بياناتها فى استخراج الوثيقة الجديدة، وهو ما عبر عنه خبثاء المجالس بانعدام الثقة بين مؤسسات الدولة وفيها، بفعل أمراض القرابة والمحسوبية ونمسك عن فساد، لأنه تهمة تحتاج فى الخرطوم لإثبات من نوع آخر .. ويبدو للمراقبين أن الأمراض انتقلت للأتيام المفاوضة، فتم اقتراح الاستعانة بخبراء ، برغم الدفوع التى تختفى بين السطور فى أنهم قوم متخصصون فى فرعية ما، غض النظر عن جنسيتهم الوطنية أو الأجنبية.. التبرير المستبطن أقبح من الذنب كما يقول المثل، وربما كان هذا هو سبب الاستعانة بالخبراء ، فالوصول لاتفاق غير مرضٍ ربما يجعل المفاوضين الأساسيين يلقون بالمسئولة وبالتالى بالغضب المصنوع على الخبراء فى تناقض واضح مع الحرص الوطنى ،وهو ما اشار إليه الفقيد فاروق كدودة لى قبيل وفاته إبان نيفاشا، حيث وجه لوماً لقيادات بارزة فى الحزب الحاكم، مطالباً حينها بالاستعانة بهم ويقصد كخبراء اقتصاديين فى ملف قسمة الثروة باعتبار أن الثروة قومية وليست ملكاً للوطني حتى يقسمها وفق هواه .. وقتها لم يجد البروف آذاناً مصغية ، ليمارس التاريخ (مكره) ويبحث الوطني عن خبراء ، بالتأكيد لن يكونوا فى وطنية كدودة والأهم فى هذه الظروف، بمجانيته..