وكأن الموت لأهل السياسة في البلاد قد أضحى مقروناً بالحوادث المفجعة سواءٌ أكانت حوادث مرورية أو جوية، فالأنباء القادمة من الشمال ظُهر أمس تحمل في طياتها خبر فاجعة أخرى وهي رحيل والي الشمالية فتحي خليل إثر حادث مروري وقع بمنطقة السليم أثناء عودته من زيارة خاصة لمحلية مروي إلى حاضرة الولاية الشمالية دنقلا، وعند الكيلو (60) وقع حادث الحركة الذي أدى لوفاة الوالي وحرسه الخاص الفاتح عبد اللطيف فيما نجا سائق عربة الموت زكي فرج الله بأعحوبة. بعض السيرة الذاتية للوالي الراحل فتحي خليل محمد خليل تقول إنه ولد في العام 1947م بمنطقة وادي حلفا، وتخرج في كلية القانون جامعة الخرطوم 1973م، وظل نقيباً المحامين السودانيين منذ العام 1993م ولأربع دورات متتالية حتى نهاية 2009م، كما أنه تم انتخابه والياً للولاية الشمالية في الانتخابات الأخيرة أبريل 2010م. وليس فتحي خليل وحده في الواقع من راح ضحيةً للحوادث المرورية (نزيف الأسفلت) من الساسة السودانيين سواء من الذين يتبعون لنظام الإنقاذ أو من القوى السياسية الأخرى، الأمر الذي أعاد للأذهان مسلسلاً طويلاً من حوادث المرور التي أزهقت الكثير من الأرواح بشكلٍ جعل السودان يتربع على عرش الدول العربية في قائمة حوادث المرور. سياسيون من الوزن الثقيل راحوا إثر حوادث مرورية من قبيل نائب رئيس حزب الأمة د. عمر نور الدائم الذي اختطفته يد المنون في حادث حركة مروِّع قرب القطينة في أكتوبر 2003م وقد رحل معه أمين أمانة الوكلاء في هيئة شؤون الأنصار الفكي عبد الله إسحاق بينما أصيب اللواء محمد عبد المجيد ود. عمر الشهيد والطاهر حربي وسائق العربة، وقالت إدارة المرور وقتها إن الحادث وقع عند مدخل الخرطوم قرب قرية الشيخ الياقوت عندما اصطدمت عربة نور الدائم بعربة لوري أخرى كانت تقف على الطريق من دون أن تضع إشارات عاكسة، وأفادت التحريات أن السيارة التي كانت تقل الفقيدين والمصابين انحشرت تحت العربة اللوري. وكان نائب دائرة أم بدة في نهاية الثمانينات صلاح الصديق المهدي شقيق زعيم حزب الأمة قد رحل بذات الطريقة، وعلى ذات الدرب مضى إسلاميون كالتجاني أبو جديري وأحمد حسن أوهاج. أما القيادي الإتحادي الشاب محمد إسماعيل الأزهري فما أن فرغ من اجتماع لتوحيد الفصائل الإتحادية حتى منتصف الليل، حتى توجه لمنزل صهره في سبيل إكمال مراسم زواجه - بعد عقد قرانه - وفي طريق عودته لمنزله بعد منتصف الليل عبر طريق السيد علي ببحري اصطدمت عربته بعربة نفايات في منتصف الطريق في ابريل من العام 2006م، وقالت إدارة المرور حينها إن الحادث وقع بشارع السيد علي الميرغني بالخرطوم بحري عند الثانية صباحاً حينما كان الفقيد يقود عربته من الجنوب إلى الشمال بسرعة عالية وانحرفت السيارة لجهة اليمين واصطدمت بمؤخرة عربة نظافة ولاية الخرطوم التي كانت تقف على الجانب الأيمن للطريق. ومن قادة الإنقاذ الذين حصدت الحوادث المرورية أرواحهم مستشار رئيس الجمهورية السابق ووالي الخرطوم الأسبق الدكتور مجذوب الخليفة الذي رحل في العام 2007م هو وشقيقه في حادث بولاية نهر النيل على بُعد 120 كلم شمال الخرطوم على طريق التحدي، وعُزي الحادث إلى انفجار إطارات السيارة مما أدى إلى انقلابها أكثر من مرة، وفي نوفمبر من العام 2008م دخل الأمين العام لحزب الأمة د. عبد النبي علي أحمد في قائمة شهداء الأسفلت بعد حادث مروري على طريق الخرطوم - مدني. مهما يكن من أمرٍ، فإنّ حوادث المرور أضحت في الآونة الأخيرة من أكثر القاتلين تربصاً بالسياسيين وعامة المواطنيين رغم التقارير الوردية من الجهات المختصة عن انخفاض نسبة الوفيات بسبب الحوادث المرورية، بينما نجد أن تلك الحوادث تحصد في كل يوم أحد الكبار.