«كذب من قال إن الشر يطفئ الشر، فإن كان صادقاً فليوقد ناراً إلى جنب نار، فلينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى؟!.. لقمان الحكيم» سئل الشيخ الدكتور سلمان العودة عن كيفية الرد على الفيلم المسيئ للرسول صلى الله عليه وسلم فقال - العبارة الذهبية التالية - (يجب ألا نستعير وسيلة جاهلية للتعبير عن غضب إسلامي)..! وفي ذات الشأن كتب الشيخ الدكتور يوسف الكودة مقالاً بديعاً نشرته صحيفة «السوداني»، في عددها الصادر ليوم أمس، أشار فيه إلى (ما يجب أن يكون من ردود فعل عاقلة ورشيدة وغضب معتدل على أُسس حضارية تجاه هذه الأحداث حتى لا نجد أنفسنا وفي نهاية المطاف نغضب لمصلحة آخرين يوظفون هذا الغضب لصالحهِم).. انتهى كلام الشيخين «الدكتورين»، وبقيت تداعيات أحداث يوم أمس الأول تعصف بالأذهان وتثقل النفوس..! أنيس منصور يقول إن «الناس لا تخطط للفشل بل تفشل في أن تخطط».. وقد كان الحدث - بمختلف تداعياته - مهرجان أخطاء.. لا بد للمقتولين من قتلة أليس كذلك؟!.. وبما أننا وجدنا أنفسنا غداة يوم نصرة رسولنا - صلى الله عليه وسلم - أمام جرحى كثُر وجثث مسجاة ودماء مراقة - وشهود عيان على فعل فاعل - فمن الذي تسبب في ذلك يا ترى؟!.. من المسؤول شرعاً؟!.. من المسؤول وفقاً لأحكام القانون السوداني الواحد هذا؟!.. لا نملك الإجابة لأننا لسنا قضاة نصدر الأحكام، لكننا نملك حتماً حق السؤال..! التحريض في القانون الجنائي السوداني هو (إغراء الشخص لغيره بارتكاب جريمة أو أمره لشخص مكلف تحت سلطانه بارتكابها).. و(من يحرض على ارتكاب جريمة ويكون حاضراً وقت وقوعها، يُعد مرتكباً لتلك الجريمة، ومن يحرض شخصاً على ارتكاب فعل معين، يكون مسؤولاً عن ارتكاب أي فعل آخر يشكل جريمة يرتكبه ذلك الشخص إذا كان الفعل الآخر نتيجة راجحة للتحريض)..! وفي ذت القانون يعد القتل عمداً (إذا قصده الجاني أو إذا قصد الفعل وكان الموت نتيجة راجحة لفعله).. العدل في قراءة الحدث يقتضي أيضاً مراعاة فقرات القانون الدولي التي تنص على (مسؤولية الدولة المعتمد لديها في حماية البعثات الدبلوماسية للدولة المعتمدة).. والآن دونكم آلية رجال الشرطة في إدارة الأزمة ودور رموز بعض رجال الدين والسياسة والإعلام في صَب الزيت على نيران المحتجين.. والحكم بعد توجيه السؤال متروك لكم ولمبادئ العدالة - إن وُجدتْ! - في هذا البلد..! بقي أن نؤكد - دون أن يطرف لنا جفنٌ! ? أن صُحُفاً كثيرة أخفقت في التزام الموضوعية عند تغطية الحدث خبرياً - دعك من التعليق عليه! - حيث أفسدت نبرتها الاحتفائية موضوعية (الخبر المقدس)، في حين أن الصحف في مقام كهذا - وأمام كل العالم - هي وسائل - وليست أسلحة - إعلام.. فالتغطية الموضوعية المحايدة للحدث لا تقدح في كون ذات الصحف منابر ل «حرية الرأي» بشأن ذات الحدث، ولكن معظم صحف الخرطوم - الصادرة ليوم أمس - لم تقدِّر أن هناك فرقاً..!