كثرة الأسماء تدل على عظمة المسمى، وكذا الحال مع شاعر البطانة الفطحل أحمد محمد حسان أبو سن الذي أنسته كثرة الأسماء المطلقة عليه اسمه الحقيقي، وهو ود الفكي حمد أحياناً وبعض أحيان أحمد قنيتة، قنيتة على قوله هو الاسم الأكثر شهرةً بين ناس البطانة والأممالمتحدة، هو قالها ليس من باب الطرفة والتندر ولكن إنجازاته الأدبية وصلت الى لجان الأممالمتحدة المختصة بالثقافة والفنون والفلكلور، أحمد قنيتة نال درجة الدكتوراه الفخرية في العام 2008م رغم أنه أمي لم ينل تعليماً أكاديمياً، درس الخلوة وترك الدراسة في سن باكرة، ولا ينكر ذلك ولكن تجاوز أميته بحُسن نظمة وثقافته غير المحدودة في شعر البطانة والأدب الجاهلي وفي الاتجاهين نال درجة الدكتوراه المستحقة في المجال، التقيناه عقب جلسة للرئيس مع شعراء منطقة البطانة ادهش فيها الرجل الحاضرين بثقافته الموسوعية ومضارباته بين شعر البطانة والأدب الجاهلي. - دكتور أحمد، البطانة.. فرقانها ودوبيتها وحياتها.. انك منها وهي منك؟ البطانة هي البطانة، بي فرقانها وحياتها الرعوية وطيبة أصلها وفصلها وأناسها، والحمد لله دخلتها المياه بعد أن كنا نعاني من ندرتها سيما فى فصل الصيف، الشعر في البطانة كما قال الشاعر أبو عاقلة إن الشكرية قبيلة شاعرة والذي لا ينظم الشعر يكون زمالياً والزماليهو راوي الشعر.. مافي زول بيمرق من الاتنين ديل في البطانة. - كل منطقة لها شاعرها، كما أن مواسم الإلقاء عندكم مرتبطة بأسواق بعينها؟ الشاعر هنا يفرض نفسه بما ينظم، لا أحد يتعمّد الشعر هنا إنما يأتي على السليقة والعادية، لا نبايع شاعراً بعينه أن يكون أميراً كما شوقي وحافظ إبراهيم، لكل شاعر متلقون ومعجبون، والناس بما تهوى، (زمان بيتلاقوا) في أسواق أبو دليق والصباغ وتمبول في مواسم الحصاد أو بيع البهائم فينطلق الشعر منساباً دون تعمد او يتلاقى الناس في زراعة فيتبادلون الدوبيت وإن كنت اعترض على تسمية شعر البطانة بالدوبيت. - لِمَ؟ الدوبيت يضيق إبداعه، فهو موجز ومختصر وتام. متفوق في تركيبته ومضامينه. - لذلك قاربت بينه وبين الشعر الجاهلي؟ نعم.. ووجدت أن شعر البطانة يتفوق على الجاهلي من مناحي الإيجاز والإجادة غير إسهاب واسترسال وتداخل في مضمون القصيدة، النظم الجاهلي يتنقل بين الحصان والناقة والدار ويادوب يدخل في موضوع الحبيبة،عندنا بنخش في المضمون مُباشرةً. - رغم أنكم تكتبون الرباعية؟ هنا يكون التميز، الرباعية تشمل لب الموضوع وأساسه دون تسويف مثلاً شاعرنا محمد ود الفكي قال: عازة سبيكة الخيل السبيبها مفتل هيفا مهدلة دعجاء ومشيها مرتل سطه في سنا امشورة الهجوعي الهطل نفسك مسكة الخبت الدميرة وحتل - أهداكم العقيد عبد الرحمن الصادق عصاته في زياراته الأخيرة لمخيّم البطانة في رفقة المشير البشير، مدلول ذلك عندكم؟ هو الإكرام بعينه، ودلالة تقدير متبادل، ابن الإمام (زول بطانة) يأتيها للقنيص ومجيد للدوبيت كما ابن عمته عصام حسن الترابي، هما ناس بطانة يحفظان المسدار والدوبيت والغناء الجميل، يمتازان بحُسن اختيار، عصام الترابي حبوبتو شُكرية مننا. - الدكتور نافع علي نافع كان منجذباً لما تلقون من نظم ومسدار؟ نافع ود بطانة، رجل حَبّوب، مولودٌ في تميد النافعاب، يحفظ شعر الصادق ود آمنة كله، نشأ بيننا وخاله العمدة عثمان سوميت، أخلى منزله بالفريق ليتحوّل إلى أول مدرسة في تميد النافعاب درسوا فيها ناس نافع وأبناء الفريق المستنيرين. - الدكتور أحمد، نيلك للدرجة العلمية الرفيعة، حدثنا عنها؟ فى العام 2008م زار البروفيسور عوض حاج علي مدير جامعة النيلين البطانة برفقة الأستاذ حاج ماجد سوار ووزراء آخرين في مناسبة عامة، قدمت خلالها محاضرة عن البطانة وشعرها ومقارنة بينه والشعر الجاهلي، تطرّقت إلى امرئ القيس وعنترة ولدنا وقارنت بين البيئة والتضاريس هنا وهناك وآثرها على الحياة والشعر، دعوني بعدها لتقديم المحاضرة في الجامعة وعلى إثر ذلك نلت الدكتوراه الفخرية. - لابد من ملمح معين لفت انتباههم لمنحك الدرجة العلمية الرفيعة في المحاضرة؟ افتكر تطرقي لمسألة عادات مشابهة في المجتمع بالبطانة والجزيرة العربية لم يكن مطروقاً كان سبباً في ذلك، تطرقت إلى عادة جرتقة الملسوع من عقرب أو دابي ودق الطبول له ليلاً كي لا ينام، إذ أن هذا يسهم في علاجه ومعافاته، نفعل ذلك في البطانة كنوع من العادات الحكيمة، وجدت نفس العادة في الشعر القديم في شعر النابغة الذبياني حتى إن الحالة أسميت بالليلة النابغية. - النظرية شنو؟ عشان النوم بيخلي الدم يجري ويتفشى السم في جسم الملسوع، سألت أطباء وأكدوا لي ما ذكر النابغة وذكرت، استغربت في أنه كيف علموا بذلك، كما أنّ لدينا حكمة في البطانة فحواها (الرجال مسايات، والإبل صباحات) أي إذا كان الرجل مصاباً بعلة فإنّها تبلغ أشدها مساءً، والإبل المعتلة تبلغ أشد إصابتها صباحاً، حسى الموت للرجال لو لاحظت أغلبه يحدث ليلاً. - جلست مع البشير في مخيم البطانة؟ هي الزيارة السابعة عشر للرئيس للبطانة، ألتقيه وأجالسه دونما أن يحسسك بفارق سلطة، الرئيس يحب البطانة تظللنا السحائب حين يأتي، ويقول دائماً إنه يجد الراحة من وعثاء السياسة ورهق غابات الأسمنت في البندر، عفوي وحبوب ومحبوب لدينا، قلت في حضرة زيارته: زيارتك يا الرئيس لا شك قصد تشريفنا وأنت الدوحة زمن الصيف وأنت خريفنا عمر يا زينة الأوطان حضرنا وريفنا شن بندور مع الأمطار وأنت خريفنا.