قبل أن تجف دماء شهداء طائرة (انتنوف) التي تناثرت على جبيل النار صبيحة عيد الفطر المبارك.. وقبل أن تجف الدموع من المآقي على فقد ثلة من الأعزاء.. ها هو فضاء غرب أم درمان يشهد سقوطاً آخر صبيحة أمس الأحد لطائرة من ذات طراز (انتنوف) (الشؤم) وتلحق بسرب الكوارث.. ويروح ضحيتها (15) من العسكريين كانوا في طريقهم الى شمال دارفور لمهمة أمسك عنها الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة.. وبحادث طائرة غرب أم درمان يقترب السودان من قائمة أكثر الأجواء تسجيلاً لحوادث الطيران (عسكرية ومدنية) وتجاوز عدد الحوادث أكثر من (79) حادثاً من العام 1943م حتى 2012م أكثر من (38) منها منذ العام 1999م. حادث غرب أم درمان في الساعة الثامنة وبضعة دقائق من صباح أمس الأحد أبلغ قائد الطائرة عن توقف واحد من المُحرِّكات ثم عن توقف المحرك الثاني، وثم أنه سيهبط اضطرارياً، وفي محاولته للهبوط بمنطقة تبعد حوالي (40) كيلو متراً جنوب غرب مدينة أم درمان تَحطّمت الطائرة. وقال شهود عيان ل (الرأي العام) أمس، إنّ مروحتي الجانب الأيمن للطائرة توقفتا، غير أن الطائرة لم تسقط مباشرةً بعد توقفها، بل حلقت مسافة طويلة قبل أن تهوى إلى الأرض وتشتعل فيها النيران، وتدحرجت ناحية الشمال الغربي. وأوضح العقيد الصوارمي خالد محمد سعد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة في بيان رسمي أن هذه الحادثة كانت نتيجة لعطل فني ادى الى سقوط الطائرة. وأضاف: أبلغ قائد الطائرة عن توقف واحد من المحرِّكات ثم أبلغ عن توقف المحرك الثاني، وأخيراً بأنه سيهبط اضطرارياً، واشار الصوارمي الى أنه في محاولته للهبوط بمنطقة تبعد حوالي (40) كيلو متراً جنوب غرب مدينة أم درمان تحطمت الطائرة. ونفى الجيش السوداني وجود أية شبهة جنائية في حادث تحطم طائرة عسكرية صباح الأحد في منطقة ريفية غرب العاصمة الخرطوم، الذي أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من ضباط الجيش كانوا على متنها إثر انفصال الكابينة التي كان بداخلها (13) عسكرياً. وأفاد الناطق الرسمي بأن الطائرة التي كانت تقل (20) عسكرياً كانت في مهمة من مدينة الخرطوم إلى مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور وعلى متنها ستة عشر شخصاً إضافة إلى طاقمها المكون من ستة أشخاص جميعهم من العسكريين، مضيفاً أن (13) شخصاً توفوا في الحال فيما نُقل (9) إلى المستشفى. وعلمت (الرأي العام) وفاة شخصين بعد عصر أمس بالمستشفي ليرتفع عدد الضحايا من (13) الى (15) شخصاً. إحصاء مخيف الأجواء السودانية شهدت سقوط طائرات كانت تقل مسؤولين على المستوى الرئاسي والوزراء وكبار الضباط من العام 1998م وحتى أكتوبر 2012م، بحسب إحصاء قامت به وكالة أنباء عالمية. ففي أكتوبر 2012م لقي (15) شخصاً مصرعهم إثر تحطم طائرة (أنتنوف) في غرب أم درمان قبل مرور شهرين من حادث طائرة تلودي في أغسطس 2012م لقي( 32) شخصاً حتفهم بينهم ثلاثة وزراء وعدد من ضباط الجيش والشرطة أثناء توجههم لأداء صلاة عيد الفطر في ولاية جنوب كردفان الواقعة على الحدود مع جنوب السودان، بسبب سوء الأحوال الجوية. وفي 16 يوليو 2012م تحطّمت مروحية عسكرية سودانية بمنطقة خزان تنجر غرب الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان ما أدى لمقتل سبعة عسكريين كانوا على متنها. وفي فبراير 2012م قُتل ثلاثة مسؤولين سودانيين إثر تحطم مروحية كانت تقلهم بمنطقة الفاو بولاية القضارف شرقي السودان، في حين نجا وزير الزراعة السوداني عبد الحليم إسماعيل المتعافي وخمسة من مرافقيه. وفي ديسمبر 2011م تحطّمت طائرة عسكرية سودانية بمطار مدينة الأبيض في ولاية شمال كردفان نتيجة عطل فني ما أدى إلى مقتل طاقمها المكوّن من ستة أشخاص. وفي ديسمبر 2010م تحطّمت طائرة مدنية أثناء محاولتها الهبوط في زالنجي بغرب دارفور ما أسفر عن مقتل امرأة ونجاة بقية الركّاب الذين أُصيبوا بجروح طفيفة. وفي ديسمبر 2010م سقطت طائرة تدريب عسكرية غرب مدينة بورتسودان خلال قيامها بعمليات تدريب ليلي وكان على متنها شخصان، أحدهما روسي الجنسية والثاني ضابط برتبة نقيب بالقوات المسلحة ولم يصابا بأذى جراء السقوط. وفي مارس 2010م سقطت مروحيتان عسكريتان تتبعان للجيش بمنطقة شطايا فى جنوب دارفور بين مدينتي «كاس ونيالا» دون خسائر في الأرواح. وفي يونيو 2008م احترقت طائرة من طراز ايرباص تابعة للخطوط الجوية السودانية قادمة من العاصمة السورية (دمشق) على أرضية مطار الخرطوم ما أسفر عن مقتل 30 راكباً وإصابة ما لا يقل عن 20 آخرين فيما نجا 160 راكباً. وفي مايو 2008م لقي وزير الجيش الشعبي بحكومة الجنوب دومنك ديم (قبل انفصالها عن السودان) مصرعه و19 عسكرياً بالجيش الشعبي في حادث تحطم طائرة بين مدينتي واو وجوبا بجنوب السودان. وفي فبراير 2006م تحطّمت طائرة عسكرية في مطار أويل حاصدة أرواح عشرين من الجيش السوداني. وفي يوليو 2005م لقي د. جون قرنق النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب (قبل انفصالها عن السودان) مصرعه إثر تحطم مروحية رئاسية يوغندية كانت تقله في منطقة نائية في رحلة عودته إلى «نيوسايت» بجنوب السودان. وفي يوليو 2003م تحطّمت طائرة مدنية ما أسفر عن مصرع جميع ركابها ال (115) بعد سقوطها بعد وقتٍ قليلٍ من إقلاعها من مطار بورتسودان في طريقها إلى الخرطوم. وفي إبريل 2001م تحطّمت طائرة عسكرية لدى انحرافها على مدرج عدارييل بأعالي النيل نتيجة عاصفة رملية ما أسفر عن مصرع العقيد إبراهيم شمس الدين مساعد وزير الدفاع أحد أبرز أعضاء مجلس قيادة ثورة الإنقاذ بجانب (14) من كبار ضابط الجيش. وفي يونيو 1999م لقي أكثر من (50) ضابطاً بولاية كسلا مصرعهم في تحطم طائرة عسكرية بعد عطل فني أصاب المحرك. وفي فبراير 1998م لقي النائب الأول للرئيس السوداني الفريق الزبير محمد صالح مصرعه إثر سقوط طائرته التي كان على متنها خلال جولة تفقدية له بولايات الجنوب. طائرة (انتنوف) (الشؤم) حوادث الطيران في السودان سواء كانت للطائرات المدنية أو العسكرية يكون القاسم المشترك أن هذه الطائرات من طراز (أنتنوف) وهي قديمة ومن العهد السوفيتي بالإضافة لعدم الصيانة الدورية بإنتظام، وهذه الطائرات القديمة تقوم روسيا وأوكرانيا وبقية دول المعسكر الشيوعي السابق بالتخلص منها وبيعها بأسعار زهيدة مما يغري الكثيرين من شرائها وتأسيس شركات خاصة داخل السودان لاستخدام هذه الطائرات الرخيصة في نقل الركاب والبضائع داخل السودان، والطائرة التي سقطت في منطقة تلودي تابعة لشَركة خاصة في السودان. أما الطائرات الأخرى التي تمتلكها شركة الخطوط الجوية السودانية الحكومية فهي من طراز بوينج الأمريكية وايرباص الأوروبية حيث تفرض تلك الدول حظر وحصار ومقاطعة على السودان منذ ما يقارب العقدين ما أدى إلى تدهور قطاع النقل الجوي في السودان بسبب انعدام قطع الغيار وأعمال الصيانة الدورية اللازمة لتلك الطائرات حيث وقعت حوادث كثيرة راح ضحيتها العشرات من الأبرياء في السودان وأثارت حوادث سقوط الطائرات تساؤلات عدة عن أسباب تنامي هذه الظاهرة التي أودت بحياة العشرات من المسؤولين والمواطنين على السواء خلال العقدين الماضيين، الأمر الذي شكّل لدى كثير من السودانيين فوبيا من السفر عبر خطوط الطيران السودانية، بحيث بلغ عدد حوادث الطيران في السودان منذ العام 1943م أكثر من (79) حادثاً ما بين سقوط واحتراق وأعطال في المدرجات.