تسيطر على الساحة السياسية والاقتصادية في هذه الأيام حماسة مفرطة للاتفاقيات التي عقدت مع دولة جنوب السودان ولملف الاستثمار.. فمشكلة جنوب السودان كما وصفها أستاذ مهم ومفكر إسلامي بقوله: سيك سيك معلق فيك.. هي مشكلة مزمنة لا فكاك منها.. وإثارة مسألة الحريات الأربع هي تحصيل حاصل فلا أحد يستطيع منع عودة ملايين الجنوبيين للسودان.. أوروبا نفسها فشلت في إيقاف هجرة الأفارقة.. ولكن إن وجد المجلس الوطني مخرجاً لإجازة هذه الاتفاقيات دون اتفاقية الحريات يكون ذلك أفضل.. من الاستثمار نأخذ زخماً كبيراً لتعويض أموال النفط بعد انفصال الجنوب.. ولكن هذا الاستثمار هو سلاح ذو حدين فلا بد من التعامل معه بعقلانية ومراعاة مصالح الدولة وإيراداتها... فالقانون المقترح ما يسمى بقانون الاستثمار والمناطق الحرة الذي هو قانون خطير ضيع مواده بما يشبه فيروسات الكومبيوتر وذلك بهدف شل قوانين الضرائب والجمارك وقوانين سيادية اتحادية وولائية أخرى.. كما أن هذا القانون يتنافى مع سياسات الاصلاح الضريبي والجمركي والاقتصادي.. فلا بد من الحذر من اجازة هذا القانون وتجميده في الوقت الراهن لآثاره السالبة الكبيرة المتوقعة. فالاستثمار يجب أن يكون مصلحة متبادلة بين المستثمر محليا كان أو أجنبيا والدولة.. فالسودان لم يتذوق حلاوة إنتاجه من الذهب إلا بعد دخول القطاع الاجنبي علماً بأنه ظلت إحدى الشركات الأجنبية في شراكة مع الحكومة تعمل هذا القطاع منذ أكثر من ثلاثين عاماً.. وأكثر ما نخشاه أنه وبعد دخول حوالي «60» شركة مجال الاستثمار في استخراج الذهب.. أن تتوقف وتنخفض العائدات من هذا القطاع.. بعد احتكار هذه الشركات لمناطق التعدين وحصولها على الامتيازات الاستثمارية الكبيرة ومنها تصدير عائداتها للخارج دون تحويلها.. الدول الأوروبية والغربية نفسها مشفقة من الامتيازات والإعفاءات الضريبية والجمركية التي تقدمها الدول قياسا لقطاع الاستثمار وتأثير ذلك على ايراداتها ومعدلات نموها الا قتصادي والإجتماعي.. وقد كان ذلك ما أثارته ورقة قدمها أحد خبراء منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بباريس «OECD» في اجتماعها في مجلس في العام الحالي حول أسعار التحويل «Tranrfer Pricing.لهذا كله لا بد من تهدئة لعبة الاستثمار وتجميد القانون المقترح.. وبناء هيكل الجهاز القومي للاستثمار في المرحلة الراهنة.. والله الموفق