تماشياً مع أخطائه الرياضية الكبرى التي جعلتنا ننتقل من هزيمة إلى أخرى، حتى أصبحنا أُضحوكة أو نكاد، أضاف الإتحاد السوداني لكرة القدم هزيمة سياسية هذه المرة عندما نقل مباراة المريخ العاصمي أمام هلال كادوقلي إلى كوستي بذريعة عدم استتباب الأوضاع الأمنية في المدينة ليرسل بهذا القرار غير المدروس رسالة سالبة للغاية مفادها تدهور الأوضاع الأمنية. صحيحٌ أنّ كادوقلي تعرّضت لقصف عشوائي ب «الكاتيوشا» في الأيام الفائتة، ولكن إرادة الحياة هناك كانت أكبر من الموت والدمار الذي أراد أن يلحقه بها البعض لتحقيق أهداف سياسية في ظل حالة الهلع التي يحدثها القصف عَادةً. ولكن مواطني كادوقلي يخرجون في تحدٍ لافتٍ لمزاولة أعمالهم وكأنّ قصفاً لم يكن، حيث يباشرون أعمالهم في النهار بينما يذهبون ليروحوا عن أنفسهم في إستاد كادوقلي بالمساء. ففي إستاد كادوقلي مساء أمس الأول، كان النور الجيلاني يغني حتى الساعات الأولى من الصباح بتطريب عالٍ من غير أن (يسافر إلى جوبا) أو يتغزّل في (فيفيان). بينما أمتع الفنان عبد القادر سالم الحضور بأغانٍ كردفانية مُنتقاة رقصت على اثرها جموع من أهالي المدينة في مقدمتهم الوالي، حيث تقاسموا جميعاً ليلة قلّما تنظم بهذا الهدوء والأمن حتى في كوستي التي نقل إليها الإتحاد مباراة هلال كادوقلي مع المريخ. وحسناً فعل هلال كادوقلي وهو يرفض بشموخ الجبال الإستجابة لأغرب قرار من إتحاد لم يكتف بالفشل الرياضي فأضاف إلى سجله فشلاً سياسياً رغم رئيسه المنتمي للمؤتمر الوطني. فهلال كادوقلي في حال ذهابه إلى كوستي كان سيخسر كثيراً حتى وإن هزم المريخ ستة/ صفر، لأنه سيشارك في تأكيد ما ذهب إليه الإتحاد عن تدهور الأوضاع الأمنية في مدينة تبتهج حتى آخر الليل في رسالة عملية على استتباب الأمن. حتى وإن كان الأمن غير مستتبٍ، فكان بإمكان الإتحاد أن يبث حالة من الطمأنينة بتمكين المريخ من زيارة كادوقلي واللعب على أرضها الطيبة، ومن قبل كان لمباراة بين الهلال والمريخ عقب هجوم قوات خليل على أم درمان فيما أذكر أثر تطميني كبير في تهدئة المخاوف، ولكن من يلتفت إلى ذلك والقائمون على أمر الرياضة في بلادنا لا يحرصون على إرسال أي من الرسائل الوطنية كتلك التي أرسلها الآلاف من المشاركين في ملتقى كادوقلي التشاوري للسلام في الأيام الفائتة. من الآخر، شكراً كثيراً للنور الجيلاني وعبد القادر سالم، وعفواً إتحاد الكرة لأنك زدت من أوجاع كادوقلي التي تحتاج لتضافر الجهود كافة لتأخذ بيدها إلى بر السلام والأمن. عفواً إتحاد الكرة لأنك خسرت ب (ستة/ صفر) كما يقولون