أعلنت وزارة الصحة الاتحادية رسميا ، عن وجود وباء الحمى الصفراء في مناطق محدودة بولايتي وسط وجنوب دارفور حسب نتائج الفحص المجهري ، بعد اخذ العينات من المرضى لمعرفة نوع المرض وبلغ عدد حالاتها (84) في الولايتين توفيت منها (32) حالة. وبدأت وزارة الصحة الاتحادية وبالتنسيق مع الولايتين ، اتخاذ جملة من الاجراءات للسيطرة على الوباء ومنع الانتشار وتقليل نسب الوفيات ، وشمل ذلك توفير كل الادوية المطلوبة ومشتقات الدم اللازمة لعلاج الحالات ، بالإضافة الى وضع خطة لمكافحة البعوض وتوفير المبيدات والطلمبات اللازمة للحملة. و حسب متابعات (الرأي العام)، توجه وفد فني من خبراء الوبائيات للولايتين بغرض دعمهما للسيطرة على الوباء وتهيئة الأوضاع لقيام حملة لتطعيم المواطنين بلقاح الحمى الصفراء. وتوقع مصدر مسؤول بوزارة الصحة ، ان يبدأ تطعيم المواطنين باللقاح خلال اسبوعين ، وقال المصدر انه تم وضع خطة من محورين : معالجة الحالات ومكافحة الناقل وترصد المرضى لتتبع الحالات وتحديد اكثر المناطق انتشارا ، بالإضافة الى التثقيف الصحي والإعلام. من جانبه ، قال خبير وبائيات ل (الرأي العام)، انه لأول مرة يتم اعلان وباء الحمى الصفراء وذلك حسب اللوائح الصحية الدولية لان مرض الحمى الصفراء لا يرتبط بالشأن الاقتصادي ولان اعلان الوباء يساعد في السيطرة على المرض وتوعية المواطنين و تطمينهم لاتخاذ الاجراءات الصحية اللازمة ، فضلا عن توفير الموارد المطلوبة من الحكومة والمنظمات ، وشدد الخبير على ضرورة ان يعقد وزير الصحة الاتحادي مؤتمرا صحفيا للتنوير عن المرض والتوعية بأعراضه ، وقال ان المرض قابل للانتشار .. ونوه إلى ان مرض الحمى الصفراء يرتبط بالخريف ، وأوضح انه في العام 2005 م ظهر مرض الحمى الصفراء في مناطق مختلفة بولاية جنوب كردفان (ابو جبيهة وتلودي والدلنج وكادوقلي ورشاد) وأصاب المرض اكثر من (613) فردا وأدى لوفاة (183) شخصا بمعدل وفاة (25%). وأشار خبير الوبائيات إلى أنه تم توفير اللقاح المضاد للحمى لقيام الحملة وتم تدريب الكوادر الطبية ، وقال انه تم إجراء تنسيق كبير للسيطرة على الوباء سواء من المنظمات الدولية او الوطنية ، وأبان الخبير ان الحمى الصفراء مرض فيروسي حاد ذي مظاهر مرضية متفاوتة بين عدوى خفيفة لا تؤدي الى اعراض وعلامات ، وقد يكون شديدا وفي الغالب له مرحلتان : المرحلة الحادة وتتميز بحدوث الحمى الحادة و آلام العضلات والصداع والرعشة وفقدان الشهية و(الطمام) و القئ ويكون النبض ضعيفا وبطيئا ، وفي معظم الحالات تتحسن الحالة خلال (3 - 4) ايام وتختفي الاعراض ، وفي حوالي (15%) من المرض تتطور الحالة للمرحلة الثانية والتي ترتفع فيها درجة الحرارة ويظهر اليرقان وتصاحبه آلام المعدة و الاستفراغ وقد يحدث نزيف من اللثة والأنف والعيون والقناة الهضمية وذلك بوجود الدم في القئ والبراز وقد يحدث فشل كلوي وكبدي ويصل معدل الوفاة وسط الحالات من (20%) الى (50%) وفي المناطق التي يتوطن فيها المرض يصل معدل الوفاة العام الى (5%) وقد يرتفع الى (20%) الى (40%) عند حدوث الاوبئة. ونوه خبير الوبائيات إلى ان المرض احد مجموعات الحمى النزفية ويتم التصنيف حسب نوع الفيروس والناقل ، واعتبر الحمى الصفراء متوسطة الخطورة ووخيمة في حالة عدم علاجها ومعدل الاماتة عالٍ ، وأضاف أن المرض يرتبط بالجغرافيا وله علاقة بالمناخ ففي الغابات ينتقل من القرود للإنسان وفي المدن وبعض القرى ينقل العدوى بعوض الايدس المصري وتستمر العدوى عبر الاجيال وراثيا في البعوض مما يؤدي الى استمرارها ، وفي الغابات يتوطن المرض وسط القرود ، وأوضح أن المرض يتوطن في (33) قطرا افريقيا و(9) اقطار في أمريكا الجنوبية ، وقال إن كل اجزاء السودان التي تقع جنوب خط (15) شمالا تعتبر مناطق توطن للمرض ، ونوه الى ان أحدث الاوبئة التي وقعت في هذه المناطق وباء عام 2003 م في منطقة الاماتونج حيث حدثت (178) حالة بينها (27) وفاة ، ثم وباء 2005 م حيث وقعت (613) حالة بينها (183) وفاة ، وأكد ان اهم عوامل الاخطار تتمثل فى توافر البعوض الناقل بكثافة وسط سكان غير مطعمين ضد الحمى الصفراء ، ومن العوامل المساعدة حركة السكان والتنقل والفقر واكتظاظ المساكن وتدني صحة البيئة وشح الغذاء ، وقال : كل هذه العوامل تؤدي الى حدوث وتفاقم و انتشار الوباء ، وأضاف ان احتواء الوباء ومكافحته تتطلب تقديم العلاج المتكامل الداعم للحالات وعلاج الاعراض مثل الحمى ، وأنه لابد من البحث عن الحالات المختبئة والكشف عن المخالطين والتطعيم الشامل للسكان المتأثرين بالوباء والمناطق التي يمكن ان ينتقل اليها ، واعتبر ان التطعيم من النشاطات المهمة والفعالة لمنع الوباء لان وجود حالة واحدة مؤكدة يعتبر وباء. من جانبه ، كشف احمد الطيب وزير الصحة بولاية جنوب دارفور ل (الرأي العام)، انه منذ ظهور حالات حمى مجهولة تم تكوين لجنة للتقصي عن الحمى المجهولة التي امتدت الى جنوب دارفور ، وبالتنسيق مع وزارة الصحة الاتحادية والمنظمات الوطنية والدولية تم اخذ العينات وأظهرت النتائج انها حمى صفراء وتم وضع الترتيبات اللازمة ، وأوضح انه وبالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية تم الاتفاق لتوفير الامصال لتطعيم المواطنين وتم وضع الترتيبات اللازمة ووضع حزام حول الولاية والتي بلغ عدد الحالات فيها (8) حالات توفي منها (6) وتوجد حالتان تتلقى العلاج وتم عزل المرضى وبدأت عمليات الرش والمكافحة للناقل (الزاعجة المصرية) وتكوين غرفة عمليات وطوارئ بالتنسيق مع وزارة الصحة الاتحادية ، ونوه الوزير الى وصول فريق صحي وفني من وزارة الصحة الاتحادية لمحاصرة المرض ومكافحة الناقل ، وتوقع ان تبدأ عمليات التطعيم خلال الايام المقبلة بعد وصول الامصال لتطعيم المواطنين في مناطق محدودة في شرق الجبل وكاس و صبيرة و القردود ، وأضاف أن باقي الاصابات في ولاية وسط دارفور ، وأكد اكتمال الترتيبات لعمل الحزام الواقي لمحاصرة الحالات ، ونوه الى انه سيتم اجراء عمليات تطهير للسيارات القادمة الى حين انطلاقة الحملة التي اجازتها وزارة الصحة الاتحادية من خلال خطة لمجابهة المرحلة وإدارة الازمة. من جهته ، كشف أحمد اسحق وزير الصحة بولاية غرب دارفور ، عن وجود (169) حالة حمى صفراء في مناطق غرب هبيلة وفي قرية مورني ، وأكد ان معظم الحالات وافدة من ولاية وسط دارفور ، وكشف عن تكوين غرفة طوارئ لتنفيذ حملة رش لمكافحة الناقل وتوزيع الناموسيات ، وأكد متابعة الوضع في المناطق الحدودية لمنع انتشار المرض. وفي السياق ، قال عثمان البشرى وزير الصحة بالسلطة الانتقالية لولايات دارفور ، ان المرض امتد الى الاطراف الشرقية لغرب دارفور والجنوبيةالغربيةلجنوب دارفور ، وأكد صعوبة احصاء الحالات لبعد المناطق وصعوبة المواصلات ، وشدد على ضرورة التدخل السريع لاحتواء المرض ، ونوه الى ان وزارة الصحة الاتحادية وجهت فريقا اتحاديا لمحاصرة المرض واحتوائه من خلال توفير المعينات.