لابراهيم عوض أغنية تقول «اليوم البمر وين نلقاهو تاني»، فأي يوم يمر على الانسان لن يجده مرة ثانية، فالتاريخ لن يكرر نفسه حتى لو كان هذا اليوم يوماً غير طيب وبه أحداث مؤلمة، فإن الانسان سوف يحن اليه لأن الانسان الى فناء حتى ولو طال الزمن، فأي يوم يمضى عليه يعنى انه اقترب من النهاية «أكان الموت خلاك الكبر ما بخليك»، كما يقول المثل السوداني لذلك أحسن الذى قال: «ما بكيت من يوم إلا بكيت عليه»، ولكن ومع ذلك يمكننا القول ان الانسانية في مجملها تسير الى الامام حتى ولو في شكل دوائر «تلك الأيام نداولها بين الناس....» الآية، ومجمل حركة البشرية تسير نحو الترقى وكل يوم مكتسباتها تزداد، فالحداثة اصبحت قدرها جميعاً فبالتالى ما ينطبق على الانسان الفرد لا ينطبق على الانسانية جمعاء، فالفرد عمره البايلوجي محدود وكلما تقدم به العمر كلما زادت معدلات استقالته من الحياة، ولكن البشرية مجتمعة تسير الى الاحسن. ولكننا نتساءل عن الأوطان هل ينطبق عليها ما ينطبق على الفرد أم على المجموعة، بعبارة أخرى هل الأوطان والأمم كالأفراد تمضى نحو الفناء أم انها مثل المجموعة تسير الى الأحسن؟! لنأخذ وطننا السودان مثالاً ونجعل منه «فأر معمل»، فهذا السودان اذا نظرنا الى أزماته كل يوم تزداد، وكلما يخرج من أزمة يدخل في أزمة جديدة، ولنأخذ الاستقلال كنقطة بداية فمنذ الاستقلال نجد الأزمات تأخذ بتلابيب بعضها البعض فمنذ أحداث توريت وعنبر جودة الى مذكرة اوكامبو نجد بين كل أزمة وأزمة، أزمة، لاحظ قلنا هنا أحداث توريت ولكن لو كتبنا هذا المقال قبل شهر لقلنا تمرد توريت، ولكن الفريق سلفاكير اعتبرها ثورة ويوماً للتحرير وجعل يومها يوماً لقدامى المحاربين الجنوبيين، لذلك استعملنا كلمة محايدة، وهذا يوضح مدى الأزمة التى تعيش فيها أجيالنا، فبالركون للأزمات يبدو لنا ان السيد السودان أقرب لمصير الأفراد، ولكن اذا وضعنا الوطن جانباً ونظرنا للمجتمع السوداني نجد ان المجتمعات السودانية تسير الى الامام وبدرجات متفاوتة، فمن حيث التعليم والصحة والسكن واللبس والأكل كلها متحركة للامام، فالاهالى في قرية يطالبون بالمدرسة والقابلة والبئر الارتوازية والكهرباء، حتى دارفور قبل الأزمة الأخيرة كانت تتحرك الى الامام فعند الاستقلال كانت بها مدرستان وسطى فقط، مسير المجتمع للامام لا يعنى انتفاء المعاناة بل مضاعفتها لأن باب التطلعات قد انفتح ويتسع كل يوم.. فاذاً السودان كقطر ووطن مثله مثل الأفراد، ولكن السودان كمجتمع مثله مثل المجموعة، فهو يتمزق ويتراجع هناك، ويتقدم ويتماسك في الآخر، فالسؤال هنا: كيف نقلب الأخير على الأول؟ في تقديرى ان هذا يمكن ان يحدث اذا قمنا بعملية اعادة ترتيب لاولوياتنا بجعل التنمية في الأول، ثم تأتي البقية من ديمقراطية ووحدة، ويكفى اننا ضحينا بالوحدة من أجل السلام وهذه قضية أخرى.