حسمت الحركة الإسلامية أمرها فيما يبدو مُفضِّلين (درب السلامة).. وأعادت إنتاج قياداتها القديمة في مجلس الشورى، عبر باب آخر قائمة الإستكمال لتضم معظمهم، فعاد من ألفهم الناس صفاً أول.. فبرز علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية ود. نافع علي نافع ود. عوض أحمد الجاز وسناء حمد العوض وسعاد الغبشاوي وأميرة الفاضل وبروفيسور غندور وأسامة عبد الله وآخرون. (حول) الحركة الإسلامية، الذي يمتد لأربع سنوات، اختارت فيها لرئاسة مجلس شوراها مهدي ابراهيم رئيساً للمجلس وعبد الله سيد أحمد، ولطيفة حبيب نائبيْن للرئيس، وعبد الله محمد علي الاردب مقرراً للمجلس، قبل أن تفجر مفاجأتها في انتخاب الزبير أحمد الحسن أميناً عاماً، ليسدل الستار على قرابة الأيام الخمسة، تركّز فيها الاهتمام الإعلامي على الحركة ربما لغياب أحداث أهم في الشأن المحلى رغم ما يزخر به ملف الجنوب من احتقانات تهدد بنسف الاتفاق، وما تشهده الفاشر من تهديدات، وما يكتنف جنوب كردفان من مخاوف.. كثيرون يذهبون الى أن التركيز الإعلامي على فعاليات الإسلاميين لم يكن عفوياً وإنما جاء مشفوعاً بتعمد رسمي لإبراز الحركة بالأهم في الشأن الوطني والإقليمي وإبراز قدرتها في حشد الحركات الإسلامية الأخرى ودعمها بما يشكل مهدداً للعالم الأول بحكم أسبقيتها في الوصول للسلطة واستفادتها من هذا الموقع في دعم بقية الحركات.. زيف التركيز الأعلى وأهمية الحدث أو أصالته باعتباره الحدث الاكثف جدلاً، معيار تحديده طبقاً للكثيرين يتوقف على مخرجاته، ومدى قدرتها في إحداث تغيير حقيقي للمشهد السياسي السوداني. بروفيسور عبد الرحيم علي نائب رئيس المؤتمر، يقيم الامر فى حديثه ل (الرأي العام) امس بالحدث الكبير والتاريخي فى مسيرة الحركة الإسلامية، واعتبر ان نتائجه أكبر مما كان متوقعاً فى ظل مخاوف ومهددات ولحظات التوتر، واختلاف الرأي، والمواجهات الساخنة. وقال: (لكنها نتائج فى كل الأحوال شفافة وأعتقد أنها معقولة). عودة الوجوه القديمة عبر قائمة الاستكمال، فَسّرَه كثيرون ب (الاحتيال القانوني) لجهة إعادة إنتاجه بعضاً مما أداروا الحركة ردحاً من الزمن، ويدللون على ذلك باعتزال د. غازي صلاح الدين واعتذاره عن الترشح لمنصب الأمانة العامة، ما يعني أن ثمة تحفظات سلبية لازمت التفاعلات الداخلية للإسلاميين، وإن استعانوا بالتكتم حيالها وعدم توضيحها، خشية انقسامات لم تكن فى الحسبان. بينما قطع بروفيسور عبد الرحيم بأنّ الحركة الإسلامية برز فيها توجه قوى بعدم تكرار الوجوه، وأضاف: (الحركة بدأت بالتجديد في كل مؤسساتها ومفاصلها). نظرات عميقة وبعيدة المدى، اعتبرت أنّ أبرز مخرجات المؤتمر العام الثامن كانت في تدشين طريق تذويب الحركة الإسلامية في الدولة عبر تكوين اللجنة العليا للتنسيق ما بين الحركة والحزب والحكومة، رغم غياب المفردة (الوسطى) بشكل مباشر، الأمر الذي أثار التذمر فى أوساط العديد من الإسلاميين المتحمسين واعتبروه محاولة لطمس ملامح الحركة فى مؤسسات الدولة بشكل غير مباشر أو اعترافاً ضمنياً بأولوية الدولة على الحركة وهو الأمر الذي رفضه بروفيسور عبد الرحيم. وقال: (لحُسن الحظ تم التوافق على ذلك، خصوصاً بعد تضمينه فى الدستور، وحظي هذا النص بالتحديد بمناقشة طويلة ودقيقة وواسعة في مجلس الشورى وفي المؤتمرات القاعدية وأخيراً في المؤتمر العام، الذي شهد اعتراضات حول الأمر لكنه حل بإضافة كلمة تنسيق). واعتبر على الخطوة بمثابة نقلة وتطورا في سياق التجارب السابقة للحركة الإسلامية. وأضاف: (لكنها ليست نهاية التطور). مراقبين لخّصوا مخرجات المؤتمر بعبارة (عادية) وأن الاستثناء الوحيد تمثل في الرسائل الموجهة للمجتمع الدولي خصوصاً تلك التي وردت على لسان الأمين العام السابق في خطابيه الاول والختامى، وهو ما أكده نائب رئيس المؤتمر بوصفه للمؤتمر بأنه أكبر اجتماع يضم الحركات الإسلامية منذ الربيع العربي، وقال: (لم يسبق لكل هذا العدد من القيادات الإسلامية أن اجتمعوا في مكان واحد). وأضاف: (لذا فالحدث مهم، بالرغم من أن المخرجات تخص الحركة الإسلامية السودانية، لا كل الحركات). وتابع: (الحركة عرّفت نفسها للعالم، واسرائيل والشعب السوداني والحركات الإسلامية الأخرى). المحلل السياسي إيهاب محمد الحسن، اعتبر أن مؤتمر الحركة الإسلامية السودانية، جاء كمحاولة لإسباغ شرعية على النظام الحالى، ويذهب في حديثه ل (الرأي العام): مؤتمر الخرطوم الأخير والتصعيد فى خطاب الحركة الإسلامية وما لازمه من تهديدات الغرض منه (سنترة) الحركة الإسلامية السودانية في أذهان ومخيلة واشنطن وتل أبيب بعد تجديد العقوبات وضربة اليرموك في محاولة لإرسال رسالة بخطورة الحركة وقدرتها على مقارعة المجتمع الدولي في سياق المواجهات المتوقعة في ملف الجنوب وأبيي وقطاع الشمال، وما يلازم ذلك من تحريك تلك الحركات للتأثير على المصالح الحيوية الدولية، بالتالي تَشتيت التركيز عن الخرطوم بخلق معارك جانبية على أراضي الدول العربية والإسلامية، ما يفتح باب المساومة مع إسلاميي الخرطوم ويجعلهم في موقف تفاوضي قوي يفك الاختناق والحصار عن حزبها السياسي المؤتمر الوطني ولو مؤقتاً. بينما يركز ناصر بكداش الناشط الدارفوري والمحلل السياسي على مخرجات ونتائج المؤتمر إزاء دارفور، ويعتبرالنتائج هي المشاركة الفعلية لولايات دارفور في اتخاذ القرار داخل الحركة الإسلامية، ويذهب في تعليقه ل (الرأي العام) بأنهم الأقل مقارنةً ببقية الولايات في مجلس الشورى كأعلى هيئة في الحركة بعد المؤتمر العام ومعنية بصياغة السياسات وتحديد الأولويات. رؤية الرجل بَدَت جارحة وقادحة فى عملية المشاركة العملية، فرصدت (الرأي العام) بعضاً من عضوية ولايات دارفور فى مجلس الشورى البالغ 400 شخص، جاء 24 شخصاً ممثلين لثلاث ولايات، فمثّل وسط دارفور في مجلس الشورى (ازهري الحاج آدم وعلي محمد آدم عبد الله) ومثّل ولاية غرب دارفور (محمد أحمد محمد وعبد القادر أحمد البدوى)، بالإضافة لجنوب دارفور التي مثّلها (د. الحاج آدم يوسف وعلي محمود محمد عبد الرسول ود. فرح مصطفى عبد الله وحماد إسماعيل حماد وأبو عبد الرحمن محمد الخولاني وأحمد محمد عثمان وعلى آدم عثمان وكثير علي زكين جار النبي وأمين الشباب بالولاية وأمين المرأة بالولاية وأحمد هارون أحمد اسحق ومكة علي سليمان وصفية عثمان الخليفة ومحمد عبد الرحمن مدلل وعلي آدم حسن أبكر وحمد أتيم يعقوب وادريس إبراهيم عبد الرحمن ومحمود موسى عثمان ويوسف أحمد يوسف وأمين الطلاب بالولاية)، وهو ما يُمثِّل نسبة ضئيلة للإقليم بتوقع تمثيل ثمانية أشخاص لكل ولاية من الولايتين المتبقيتين لدارفور من جملة خمس ولايات، ليكون العدد الكلي وفقاً لمتوسط تمثيل كل ولاية (8) أشخاص ليصبح العدد الإجمالي (40) شخصاً وهو أقل من عدد قائمة الاستكمال البالغ عضويتها (60) عضواً.. ويذهب بكداش إلى اعتبار الأرقام التقريبية دليلاً على أن أكبر مخرجات الحركة الإسلامية تأكيدها على استمرارية عقلية التهميش والتعامل مع الولايات ك (كم مهمل) لا ينظر إليها في سياق الفعاليات الكبرى لعكس وقائع بالأصل هي غير حقيقية.