الجدية والمسؤولية التي أدى بها نجوم الهلال مباراتهم الأخيرة في الدوري الممتاز أمام الأهلي مدني ، أهّلتهم لحسم النتيجة لصالحهم بفارقٍ مريحٍ من الأهداف ليتوّج الفريق بطلاً للممتاز عن جدارة واستحقاق ، ليؤكد أنه افضل فريق سوداني هذا الموسم محلياً وأفريقياً، محلياً بفوزه ببطولة الدوري الممتاز بدون هزيمة إنجازٌ يُضاف لإنجازاته السابقة ، وأفريقياً بوصوله محطة نصف نهائي الكونفدرالية التي وصلها معه المريخ ، ولكنه يتفوق على المريخ في الكيفية التي خرج بها كل فريق، فقد خرج الهلال بعد التعادل في مجموع المباراتين بفوزه داخل أرضه وخسارته خارج الأرض بذات النتيجة ليتم الحسم بضربات الحظ، بينما خرج المريخ لخسارته في مجموع المباراتين وفشله في تحقيق الفوز داخل أرضه. لذا من حق جمهور الهلال التعبير عن فرحته بهذا الإنجاز التاريخي والفريق يحكم سيطرته المطلقة على كُبرى البطولات السودانية (11) بطولة، ومن حق اللاعبين والمدرب ودائرة الكرة ومجلس الإدارة أن يعبِّروا عن فرحتهم الكبرى بحصاد الموسم الذى عملت من أجله كل الفرق وجاء من نصيبهم عن جدارة واستحقاق كما ذكرت ، وكان يمكن لفرحة التتويج أن تكتمل في أبهى وأروع صورة ، لولا أن الأجندة الرخيصة أطلت بوجهها القبيح في يوم التتويج الكبير مقدمة عنواناً عريضاً لمعنى الإنحطاط وإلى أية مرحلة وصلت تصفية الحسابات ، لتحكي عن حالة (سعر) لم يعد يفرق مع من يديرونها في الغرف المغلقة توقيت دلق قاذوراتهم ليعكس مشهدهم البائس في المدرجات كيف فقدوا إتزانهم المفقود أصلاً وصاروا (يعضون) في كل الاتجاهات حتى طالهم (العَض). المتابع لمشهد المباراة من كل الزوايا يلمس حجم المأساة والعزلة التي يعيشونها ، الكاميرا الأولى تتابع المباراة وتقدم فريق تجاوز إحباط الخروج الأفريقي سريعاً، وتجاوز داخل المباراة هدف الأهلي مدني الأول بسرعة أكبر ، تنقل لنا الكاميرا نجوم الفريق البطل وهم يتناقلون الكرة برشَاقة ، يتحرّكون في كل أرجاء الملعب بلياقة بدنية مدهشة مكّنتهم من السيطرة الكاملة على المباراة ، حارس هادئ يلعب بثقة دفاع يتمركز جيداً، خط وسط مسيطر على منطقة المناورة ، هجومٌ شرسٌ الجميع يتحرك بتنظيمٍ بديعٍ ، والكاميرا يدهشها الانتقال السريع للهجوم والتراجع الجماعي للدفاع ، أصاب المصور الإرهاق وهو يتمنى لحظة بطء في الأداء وحتى في اللحظات التي يفقد فيها الفريق الكرة يستخلصها سريعاً لا توجد مساحة خالية يتحرك فيها لاعبو الأهلي مدني. الكاميرا الثانية تنقل أجواء التتويج. اللاعبون في قمة فرحتهم يتوّجون مدربهم الملك غارزيتو أفضل تتويج ، يحيطون به في دائرة ثم يرفعونه إلى أعلى ويقذفونه في الهواء تعبيراً عن تقدير عميق يكنونه له. الكاميرا الثالثة تنقل التتويج. مجلس الإدارة واللاعبون يتبادلون التهاني والإبتسامة تملأ الوجوه ويصور مشهد إهداء الميداليات من بعض نجوم الفريق لرئيس مجلس الإدارة حجم التفاهم والإحترام المتبادل. كاميرا رابعة تنقل لقطات من الإرشيف للافتات وهتافات وكأنّ المخرج أراد أن يقول لنا هذه اللقطات من (الأمس) قصدت أن أوضح بها كيف حقق الهلال إنجاز لقب الدوري وسط هذه الصور القبيحة لمجموعات سعت لخسارة الفريق طوال الموسم ، ولكنها فشلت. ولم تقدم سوى نموذج حقيقي لمعنى كلمة انحطاط في يوم الفرح الكبير.