عرف السيد نصر الدين الهادى المهدى فى الوسط السياسى بأنه نائب رئيس حزب الأمة القومى , ثم أصبح أحد نواب رئيس الجبهة الثورية السودانية التى تعتمد العمل العسكرى أداة للتغيير . اختيار نائب رئيس حزب الأمة نائباً لرئيس الجبهة الثورية أدخل السيد الصادق المهدى فى حرج للتناقض بين موقف الحزب الذى يعلن اعتماد الحل السلمى و موقف الجبهة التى تتبنى الوسيلة العسكرية . و مضى وقت غير قصير و حزب الأمة يعيش هذا التناقض , ثم أصدر رئيس الحزب مؤخراً قراراً أعفى بموجبه السيد نصر الدين من موقعه كنائب للرئيس هو اجتهاد مقدر لإزالة التناقض , لكنه يبدو أنه نوع من التحايل حيث أن الحزب لم يظهر انزعاجاً لموقف نائب الرئيس , و ينعكس ذلك بوضوح فى رد الفعل البطيء . و أرجح أن الحزب يريد ان يتبنى الحل السلمى و لا يفوته قطف ثمار العهد الجديد إذا نجحت الجبهة فى إسقاط النظام . و على الرغم من رجوح هذا الاحتمال إلا أنه تصرف غير موفق من عدة نواحى حيث يظهر الحزب فى مظهر انتهازى لا يليق بتاريخ حزب الأمة , ثم إن السيد الصادق فضّل أن يقدم نصر الدين الهادى كبش فداء رغم أنه الابن الوحيد للإمام الهادى الشهيد الذى ظل قريباً من السيد الصادق، مخلصا له، متجاوزاً مرارات الخلاف المعروف بين والده و السيد الصادق ،و هى المرارات التى ما زال يحملها معظم أبناء و بنات الإمام الهادى تجاه السيد الصادق . و لو كان الإمام منصفاً و موفقاً لاختار ابنته مريم ليضحى بها بعد ان وقعت اتفاقاً مع مني أركو مناوى يتعارض مع خط حزب الأمة السلمى . يجد خط حزب الامة (المعلن) تأييد و تقدير معظم جماهير الشعب السودانى خاصة و أنه صادر عمن سرقت منه السلطة الشرعية فاحتفظ بتوازنه و لم يفش غبينته و يخرب مدينته إلتزاماً بإرث مهدوي معروف , و عليه يفترض ان تكون مواقف الحزب أكثر وضوحاً ليزيل هذا التشويش . و لا يتم ذلك إلا بقطع اي علاقة بالجبهة الثورية و يستدعى السيد نصر الدين الذى لن يعصي أمرا تنظيميا , ثم العمل الجاد لإقناع الجبهة بالتخلى عن العمل العسكرى و الإنضمام لقوى المعارضة السلمية , و لاشك أن الجبهة بتحولها للعمل السياسى سوف تشكل إضافة حقيقية للمعارضة و تخرج البلاد من المواجهات الدموية التى يسقط خلالها أطفال المدارس و بائعات الكسرة و الفول و غيرهم من جماهير تتحدث المعارضة باسمهم . يفيد حزب الأمة كثيراً أن يحزم أمره بانحياز لا لجلجة فيه للخيار السلمى . و لا يشرفه أن يعلن اعتماد الحل السلمى و يسترق السمع لجحافل جيوش حملة السلاح علها تحمله لكراسى الحكم من جديد .