وأخيراً رسا عطاء أمانة الحركة الإسلامية على واحدٍ من أهلها، فهو بتصنيف الإسلاميين من البدريّين، والبدريّون هم إسلاميّو الحركة قبل الإنقاذ، أمّا الذين ولجوها بعد الإنقاذ فهم الفتحيّون، فالإنقاذ عند الإسلاميين مُعادلٌ موضوعي لفتح مكّة! لفتَ انتباهي أنّ الزبير أحمد الحسن صار يسبقه لقب الشيخ بمجرّد اختياره من مجلس شورى الحركة الإسلاميّة بالتزكية أو الإجماع السكوتي، فلا أحد يعرف على وجه الدقّة هل كان اختيار شيخ الزبير تزكية أم إجماعاً سُكوتيّاً! لقي اختيار شيخ الزبير قبولاً غير ضيّق في أوساط الإسلاميين، ولكنْ كذلك لقىَ من إسلاميّين آخرين التحفّظ والإشفاق بل ربّما الإستنكار... الذين أصابهم القبول كانت تطاردهم مؤهّلات يرونها في شيخ الزبير، رجل زاهد قبل أن يصير وزيراً وبعد أن صار وزيراً، وأنّه من الأقليّة الحركية الحافظة لكتاب الله، ومَنْ أراد البحث عن البصمة الوراثيّة للحركة الإسلامية بمواصفاتها القديمة فسيعثر عليها فيه... ثمّ أنّ الزبير في أجيال الحركة الإسلاميّة يقع في نهاية الجيل الثالث أو بدايات الجيل الرابع، لم تفارقه الحيوية بعد! أمّا الذين تحفّظوا أو أشفقوا أو استنكروا الزبير أميناً، فهم ذوو طموحات إسلاميّة مشروعة، كانوا ينتظرون في الأمين الجديد قياديّاً ومُبادِراً يعيد للحركة فاعليّتها، والزبير ليس هو ذلك الرجل، فقد استهلكته وزارة المالية وقبلها استهلكته المصارف فلم يعد عنده للحركة الإسلامية سوى الفصل الرابع من الميزانيّة! الطامحون في مستقبلٍ فاعل للحركة الإسلامية لم ينتظروا أميناً بماكينة رئيس جمهوريّة لكنّهم انتظروا أميناً يضع الحركة الإسلاميّة على قضبان خاصة، فلا يسير قطار الحركة الإسلاميّة على ذات قضبان قطار الدولة، فلا يلتقي القطاران إلاّ في المحطة النهائية... لذلك يرى الطامحون في السائق الجديد لقطار الحركة الإسلاميّة انّه بفطرته وفكرته تنقصه القيادة المبادِرَة، وسيكون قطار الحركة مقطوراً بقطار الحكومة! لم يكن مطلوباً من الحركة الإسلامية في هذا الطور الوطني أميناً لها بدرجة حافظٍ للقرآن أو حتى أميناً زاهداً... ومع ذلك نبعث بكل التقدير وبكل الحُب دعاءً طيّباً لشيخ الزبير أحمد الحسن الأمين الوزير أو الوزير الأمين!!