لقد شهدت مصر الشقيقة صراعا وسجالا سياسيا محموما على ضوء قرارات الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي التي أصدر بموجبها مراسيم دستورية حصنت قراراته في مواجهة القضاء كما حملت جملة ضوابط قصد منها تمكين مجلس الشورى من القيام بإنجاز الدستور الجديد للدولة المصرية التي أصبحت بعد ذهاب حسني مبارك بدون دستور وعرضة للإعلانات الدستورية التي إبتدأها المجلس العسكري بعدد من الإعلانات عد آخرها قبيل الإنتخابات الرئاسية استباقا للرئيس القادم وتقليلا من صلاحياته من قبل المجلس الذي أعطى لنفسه السلطتين التنفيذية والتشريعية بعد أن حل مجلس الشعب المنتخب مستفيدا من قرار المحكمة الدستورية التي قضت ببطلان انتخابات المجلس بسبب عدم وجود نص دستوري.وقد مكن مرسي بالفعل مجلس الشورى من صياغة وإجازة مشروع دستور ينوي مرسي عرضه على الشعب للإستفتاء ،ترى القوى المعارضة له والتي تغلب عليها التيارات العلمانية أن الدستور هو دستور (بليل ) لأن العمل فيه استمر لقرابة أربع وعشرين ساعة شبه متواصلة ،أو بلغة الصادق المهدي التي إعتدنا عليها (دفن الليل أب كراعا بره ) ،بيد أن مرسي والمناصرين له من التيارات الإسلامية وبعض الأحزاب الوطنية الصغيرة يرون في إستعجال الدستور مخرجا للبلاد من شفا الهاوية وحالة السيولة السياسية التي تسبب فيها وجود متلازمتي غياب الدستور وتغييب مجلس الشعب في آن واحد ،ويبرر مرسي تصرفه في منح نفسه هذه السلطات لوضع حد لتربص المعارضة به في مسعاها لمنع استصدار الدستور ومماحكتها في الإتيان بمجلس الشعب حتى لا تتفرغ السلطة الجديدة لإدارة شأن الإقتصاد وأزماته الحادة حتى تنفد الدورة الانتخابية باستخدام منهج احتواء الإسلاميين بالأزمات ليفشلوا ومن ثم يتراجع نصيبهم في أي انتخابات قادمة عندما يحاسبهم الشعب على (أكل عيشه) أكثر من غيره من المجالات وهو ما يخدم مصلحة التيارات العلمانية والقوى الغربية التي لا تريد لتجربة الإسلاميين في مصر منشأ حركة الأخوان المسلمين ومقرها الذي انداحت منه إلى كل أنحاء القارات ،سيما بعدما فقد الغرب عناصره في المنطقة واتضح دور مصر التي يحكمها الإسلاميون في ظل مقاومة فلسطينية يقودها الإسلاميون بل وربيع عربي يفرز حكومات إسلامية.لكن ما أعلن الإخوان عن مليونيتين تأييدا لمرسي ودعما لقراراته بجامعة القاهرة وساحة مسجد عمر مكرم بأسيوط ،حتى حملت الأنباء تصريحات الدكتور عمر موسى رئيس حزب الدستور عن العودة إلى المفاوضات والحوار من جديد . حاشية: ماذا قال الصادق المهدي في الأزمة المصرية التي قدم فيها مبادرة باسم المنتدى العالمي للوسطية حيث اعتبر أن انشطار الجسم السياسي المصري يشكل خطراً على الأمن القومي وعلى الديمقراطية وعلى الفضاء العربي والإسلامي والأفريقي، بل الأمن والسلم العالمي، ويفتح بابا واسعا للتدخلات الخارجية ولا سبيل لحسمه بالمغالبة، ولا بالمساجلة، بل بالتراضي. ومدح الصادق مرسي في تحديده التضييقي لمجالات استخدام حصانة قراراته ليعود ويهاجم إعلانه الدستوري وأنه أس المشكلة وناشد القوى المعارضة له بالوفاق وضبط النفس ،لكنه عاد ووقف معها حين رفض إجازة الدستور دون توافق القوى السياسية. فهل يريد الصادق المهدي إعادة إنتاج مواقفه على الصعيد السوداني في الوضع المصري ؟وهل هي وساطة لرجل وسطي في منبر وسطي أم أنها (إمساك للعصا من الوسط ) ؟وهل عجز المهدي عن اقتلاع الإسلاميين في السودان بالجهاد المدني واعتصامات (لم يحضر أحد ) ومظاهرات ( حضرنا ولم نجدكم ) و(توقيعات الجبهة الثورية ) وربما محاولات ( الإنقلاب ) فلجأ إلي التماهي مع المعارضة المصرية في مواجهة الإسلاميين هناك ؟لكننا نذكره بما سبق وأن أشرنا إليه عندما تولى فرعون مصر مقولة محافظ الجيزة أيام حسني مبارك (أن مصر لا تحكم إلا بالفرعون، وأن الله سبحانه وتعالى أرسل إلى كل أمة رسول لكنه أرسل إلى فرعون مصر لوحده رسولين (موسى وهرون) )،وأظن مرسي يعي أن إعادة الأمور إلى نصابها يحتاج شيئاً من الفرعنة المؤقتة.