أُقدّم رٍجلاً وأُؤخرُ الأخُرى حتى أصارحكم بأنّني من كتلة سودانيّة ليست كبيرة لكنّها ليست صغيرة تتمتّع بمشاعر سياسيّة ترى أنّه غير مسموحٍ بالتشاؤم في القضايا العالقة وغير العالقة بين السودان ودولة جنوبه... قد تدفعنا الظروف أحياناً إلى اتجاه أقل من التفاؤل لكنّه ليس هو التشاؤم، ففي أسوأ حالاته هو التشاؤل! التقى الوفد القادم من جنوب السودان برئاسة كبير مفاوضيه بوفد السودان برئاسة كبير مفاوضيه، التقى الوفدان والتقى الكبيران بالخرطوم لكنّا على الرغم ممّا رشحَ فإننا لا نعرف ماذا يحمل كل منهما في حقيبة أوراقه... ما نعرفه أنّ الوفدين إلتقيا للتباحث حول إزالة العقبات من أمام سريان اتفاقية التعاون بين الدولتين... وبالعين السودانيّة فإنّ العقبات التي تقف أمام اتفاق التعاون فاقعٌ لونها لا تسر الناظرين، لكنّا لا نعلم ما هي العقبات بالعين الجنوبيّة وما هو تكنيك إزالتها! الوسيط الأفريقي يعرف العقبات بالعين السودانية ودوره فيها وإلاّ فما هو دور الوسيط إنْ لم يكن هو إزالة العقبات... ونحن لا نخشى من الجانب السوداني في تذليل العقبات فقد علّمتنا التجارب أنّ الوفود السودانيّة دائماً أكثر ليونةً ولا نقول مرونةً، والوفود الجنوبيّة أكثر تصلباً ولا نقول صلابةً! حتى الآن لا نعرف اتجاهات التفاوض ولا تكنيكاته وبالتالي النتائج الأوّليّة التي يفضي إليها، وهل يُنتَظرُ تنازلٌ هنا وتنازلٌ هناك، لكنّ مفاوضات هذه الجولة تؤشّر إلى مفاوضات الأسبوع المقبل التي يقودها الجنرال عم عبد الرحيم! مراقبون يرون أنّ نافذة المَخْرَج هي أنّ الحكومة السودانيّة توافق على النفط أولاً والأمن ثانياً حتى يتدفق النفط فينتعش الاقتصاد هنا وهناك، لكنّ غالبية المراقبين يرون أنّ الأمن دائماً هو أوّلاً، فلو وافق الطرفان على أنْ يكون الأمن ثانياً والنفط أولاً فسيأتيهما النفط نفسه راجياً جعله ثانياً حتى يتقدّمه الأمن! نتأمّل نحن معشر المُتشائلين أنْ تُزال العقبات ولو بعضها حتى يسير التعاون بامبيكي أو بسيكي ميكي، فنحن نعلم انّها جولات ذات مسافات بعيدة المدى... ومع ذلك فقد ركبنا لها قطار أويل برغم طول المسافة!!