قبيل رفع الميزانية الجديدة للعام 2013 الى مجلس الوزراء فى جلسته أمس لإجازتها ،واجهت الموازنة تحديا كبيرا غير متوقع يتمثل فى تمسك اتحاد العمال بزيادة الأجور فى الموازنة الجديدة وتهديده باللجوء الى اللجنة المركزية للعمال بعد فشل مساعيه مع وزير المالية فى التوصل لاتفاق لزيادة الاجور، وربط وزارة المالية للأجور برفع الدعم عن السلع الأساسية والمحروقات ،ورفض الاتحاد لهذا الربط مما ينذر بمواجهة محتملة بين اتحاد العمال والحكومة بعد تناغم بين الطرفين دام اكثر من (22) عاما ،منذ استلام ثورة الإنقاذ للسلطة فى العام 1989 . ولكن مجلس الوزراء فى جلسته أمس التى شهدت إجازة الموازنة الجديدة دون زيادة الأجور، عمد لتفادي هذه المواجهة المحتملة مع الحركة النقابية بتكوين لجنة مشتركة لدراسة زيادة الأجور وخاصة الحد الأدنى على أن ترفع تقريرها فى الربع الأول من العام 2013 بغية تحسن موارد الدولة بعد دخول عائدات نفط الجنوب وزيادة ايرادات الدولة بزيادة الانتاج النفطي المتوقع فى الربع الاول من العام القادم بجانب زيادة الصادرات غير البترولية واستقطاب موارد النقد الأجنبي من دول صديقة وشقيقة. وبالرغم من إجازة مجلس الوزراء للموازنة الجديدة للعام 2013 ، الا ان هذه الموازنة تواجه تحديات عديدة تتمثل فى ارتفاع أسعار صرف الدولار وانخفاض قيمة الجنيه وغلاء الاسعار ونقص ايرادات الدولة بنسبة (20%)، وتحدي زيادة الواردات وتراجع الصادرات وتفاقم الفقر والبطالة ،بجانب تحدي استمرار إنفاذ مشروعات التنمية وتحدي الوفاء بالديون الداخلية للحكومة التى بلغت (8.6) مليار جنيه، وتحدي تفاقم الدين الخارجي الى (40) مليار جنيه، وتحدي جذب الاستثمارات الخارجية ،وتحدي استدامة النمو فى الناتج القومي الاجمالي وخفض معدلات التضخم، وتحدي سد عجز الميزان التجارى و تقليص حجم ميزان المدفوعات ، كما يتطلع القطاع الخاص فى الموازنة الجديدة للعام 2013 الى حدوث استقرار اقتصادي واستقرار فى أسعار صرف الدولار مقابل العملة الوطنية، وزيادة الإنتاج والإنتاجية والصادرات غير البترولية وتوفير موارد من النقد الأجنبي لتمويل القطاعات الإنتاجية، كما يخشى ارتفاع سعر الدولار وانهيار قيمة الجنيه أمام العملات الاجنبية مما يؤدى لندرة فى السلع بالأسواق المحلية وارتفاع فى الاسعار وخفض ايرادات الجمارك والضرائب وبالتالي خفض ايرادات الميزانية او الدولة، ويطالب القطاع الخاص بتوفير تمويل متوسط وطويل المدى للقطاعات الانتاجية واجازة قانوني الاستثمار والعمل وتشجيع الاستثمارات الاجنبية والوطنية، وإحداث استقرار اقتصادي وثبات فى سعر الصرف خاصة وان الاستقرار الاقتصادي يشجع الانتاج والاستثمار ويزيد الصادرات، كما ان انهيار قيمة الجنيه تؤدى الى ارتفاع تكلفة الانتاج وزيادة التكلفة تؤثر فى منافسة الصادرات السودانية بالأسواق العالمية. ولكن بالرغم من التحديات التى تواجهها الموازنة الجديدة ومطالب القطاع الخاص المشروعة، وعدم وضوح الرؤية الكلية والشاملة لتجاوز هذه التحديات، إلا ان الموازنة الجديدة حملت بشريات جديدة ومؤشرات ايجابية فى مقدمتها استقرار سعر صرف الدولار فى حدودد ال(4.4) جنيهات دون زيادة ، وكذلك الابقاء على سعر الدولار الجمركي فى حدودد ال(4.4) جنيهات دون زيادة، والاستمرار فى تحقيق معدلات نمو ايجابية فى الناتج المحلي الاجمالي ليبلغ نحو (4%) مقارنة ب(2%) هذا العام، الى جانب تخصيص (30%) ألف وظيفة عامة فى الجديدة خلافاً لوظائف القوات النظامية وزيادة الدعم للشرائح الضعيفة وخلو الموازنة من عجز مع بقائها فى حد الأمان بعجز يبلغ (3.6%)، فضلا عن زيادة اعتمادات التنمية بنسبة (66%) . وحملت الموازنة الجديدة بشريات ايجابية بتجاوز الاعتماد على نفط الجنوب وعائدات الرسوم، والتركيز على الاعتماد على الموارد الذاتية من ضرائب ورسوم جمركية وعائد الصادرات غير البترولية خاصة الذهب والثروة الحيوانية، الى جانب استصحاب الموازنة للعديد من المؤشرات الاقتصادية الايجابية المتمثلة فى نجاح الموسم الزراعى واكتمال تعلية الروصيرص وتأثيرها في زيادة الرقعة وانتاج الكهرباء ودخول الانتاج المنظم لشركات الذهب والنتائج المتوقعة للموسم الشتوي. اذاً، هنالك تحديات تواجهها الميزانية وبالمقابل ايضا هنالك بشريات تحملها الميزانية، وما بين التحديات والبشريات يظل المواطن منتظراً لانعكاس الموازنة على ( قفة الملاح ) وانخفاض الأسعار بالأسواق ليحس فعلاً بان الموازنة لها (طعم ولون ورائحة) ويحلم بغدٍ مشرق بإذن الله .