أول خطأ وقع فيه المدرب التونسي الكوكي قبل وبعد التعاقد مع نادي المريخ مدرباً أنه لم يستوعب الفرق بين الأندية الكبيرة والأندية الصغيرة ، ويظهر ذلك من خلال سيل تصريحاته الذي لا ينتهي ، في كل الوسائط الإعلامية وبصورة يومية ، فإن غاب عن الفضائيات أو الإذاعات فهو ضيف دائم على الصحافة (يستحيل) أن يغيب عنها وإن حدث يدخل ذلك في باب الندرة. فمازال يتحدث لوسائل الإعلام بعقلية مدرب الأهلي شندي ، وهو محيط بعيد عن الأضواء بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، وبالتالي إذا تحدث الكوكي للصحافة 24 ساعة بدون توقف فلن يلفت الإنتباه ، وأعني هنا قيمة تصريحاته وهو مدرب للأهلي شندي إعلامياً في المساحة والإبراز والتقديم والتأخير ، بعكس تصريحاته وهو مدرب للمريخ، فمهما كانت قيمة التصريح ضعيفة ستجد مساحة مريحة في الصحافة الرياضية ويتم إبرازها لتقع عليها العين التي تقرأ الصحيفة. المتابع للكوكي سيجد أنه وقع في أخطاء عديدة ستحسب عليه بكل تأكيد، بداية من حواره مع برنامج عالم الرياضة التلفزيوني في فترة مشاركة الهلال والمريخ في بطولة الكونفدرالية الافريقية بتقييمه القاسي لفريق المريخ ، وإشادته بالفرقة الهلالية في وقت كان قد يجري فيه مفاوضات مع المريخ إن لم يكن قد أكملها، وهو خطأ فادح لا يمكن أن يقع فيه مدرب مبتدئ، في مثل هذه الحالات كان عليه الاعتذار عن تقديم رؤية فنية لفريق يعلم أنه مدربه القادم، وأن المدرب الذي ينتقده مغادر. من الأخطاء التي وقع فيها أيضاً أنه قدم نفسه مدرباً للمريخ قبل أن تقدمه الإدارة، وكشف من خلال سيل تصريحاته الذي لا ينتهي مفاوضاته مع رئيس النادي، ولا أبالغ إن قلت انه ألمح لذلك أثناء الدوري الممتاز بأنه سيتجه لتدريب نادي قمة لم يفصح عن اسمه وقتها ، وليته ظل على هذا التكتم حتى يتم الإعلان الرسمي عن الإتفاق معه ، كل ذلك والمريخ لم يحسم أمر مدربه البرازيلي ريكاردو رسمياً، وحتى آخر حوار أجراه الزميل هشام عز الدين مع عصام الحاج بقناة «الشروق» أكد أن أمر ريكاردو لم يُحسم ، وفي المقابل كان الكوكي هو الذي يروج لاقترابه من المريخ ، وللعلم فقط حديث عصام الحاج كان قبل أسبوعين تقريباً، وأكد فيه أن الكوكي ضمن الخيارات المطروحة ولم يحدد (كمجلس إدارة) أنه الخيار الأخير ، وهو أمر طبيعي لأن أمر ريكاردو لم يحسم بعد. لم يكتف الكوكي بالترويج لاقترابه من المريخ، بل بدأ يتحدث عن تفاصيل خاصة بمرحلته القادمة مع المريخ من تسجيلات وخلافه، وريكاردو مازال مدرباً للمريخ، وهو لم يوقع العقد بشكل رسمي. كل ذلك جعل الكوكي هو الذي يسعى للمريخ وليس العكس، ويجتهد من خلال سيل تصريحاته الذي لا ينتهي أن يحول وجوده فيه إلى أمر واقع، وهو ما حدث بالفعل ليصبح مدرباً رسمياً للمريخ، لتعود أسطوانة التصريحات للدوران بدون توقف، ومع مطلع كل صباح جديد نقرأ للرجل تصريحات جديدة. وما يوضح أن الكوكي يقدم نفسه وكأنه يسعى للمريخ العكس المريخ يسعى إليه الراتب الشهري الذي تم الاتفاق عليه (5 آلاف دولار) مع مخصصات أخرى بدون مقدم عقد تقريباً لأنها لم ترد في التفاصيل، وإذا قارناه مع راتب ريكاردو (16 ألف دولار) سنجد الفارق كبيراً، وإن كان لا يعتبر هذا الفارق مقياساً للبطولات فقد يحقق الكوكي ما عجز عنه ريكاردو، ولكن في المقابل قد يكون التعاقد مع الكوكي خياراً فرضته ظروف النادي الاقتصادية، التي ظهرت حتى في تسجيلات اللاعبين هذا الموسم، بمعنى أن أوضاع النادي المالية لو كانت مثل المواسم الماضية لما كان الكوكي ضمن خيارات تدريب الفريق. في كل الأحوال أصبح الكوكي مدرباً للمريخ، ووضع في سيرته الذاتية أنه أصبح مدرباً لفريق النادي الكبير، وهو ما سعى إليه في تقديري وله الحق في هذا الطموح والثقة في قدرته على تقديم الأفضل للمريخ وقد ينجح. فقط هو مطالب بفن التعامل مع الأندية الكبيرة..