فوجئت مثل غيري بالقرار الغريب الذي أصدره بابكر محمد علي مدير الطب العلاجي بولاية الخرطوم، الذي أعفى الدكتور علاء الدين يسين نائب مدير المستشفى الصيني من منصبه لا لشئ سوى أنه (طبيب مميز)..! مصدر دهشتي تجاوز الإجراء التعسفي المبني على حيثيات (قالوا وقلنا) ونفذ إلى الطريقة الغريبة التي تكافئ بها ولاية الخرطوم كوادرها من الأطباء المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والتفاني والإخلاص في أداء مهامهم بمسؤولية عالية.. إنه (قانون حمورابي) يا سعادة الوالي يحكم على الجميع بلا رحمة ولا ضمير ولا مراعاة لروح وقوانين الخدمة المدنية التي أقَرّت كثيراً من الخطوات قبل مرحلة الإعفاء أبسطها التحقيق في (قالوا وقلنا). إذن سأحدثكم عن علاء الدين يسين أولاً قد لا تعرفونه، فلقد عرفته عبر لمساته في المستشفى الصيني، إذ كنت فى زيارة لمعاودة مريض وهالني ما رأيت من نظافة واهتمام يجده المرضى هناك فتمنيت أن أرى من يقف خلف هذا الأمر حتى أتقدم له بالشكر إنابةً عن الشعب السوداني. قطع على حبل تفكيري آنذاك سلوك انتهجه أحد حرّاس النظام مع زائرة للمستشفى فقررت أن أرفع الأمر للمسؤول الأول حرصاً مني على أن لا تتجنى ممارسات الأشخاص وسلوكهم على الطريقة المميزة التي تقدم بها الخدمات في المستشفى. دخلت على المدير وجدته طبيباً صارماً ومُحترماً، عرّفته بنفسي وسردت له الواقعة فاستدعى كل طاقم الحراسة واتخذ من الإجراءات القانونية ما يمنع وقوع أي سلوك يسيئ للمستشفى الصيني واهتم بالأمر أيّما اهتمام. علاء الدين يا سعادة الوالي ويا مأمون حمّيدة واحدٌ من أبناء الشعب السوداني الناجحين والنزيهين.. استلم المستشفى الصيني وبه تجاوزات (مبالغ فيها)، إذ كانت عربة شفط مياه الصرف الصحي تعمل بمعدل (25) دوراً في اليوم مع أن ساعات العمل (24) ساعة بمقابل (100) ألف للدور أي (75) مليون جنيه في الشهر وهي نصف القيمة الكلية لشراء فنطاز.. أتى علاء الدين وأوقف هذا العبث وغيره واشترى سيارة للمستشفى وأوقف الصرف على هذا البند. هذا الرجل الناجح رفع دخل المستشفى من (200) مليون إلى مليار في الشهر.. وأنشأ قسم حوادث في المستشفى على أعتاب الافتتاح الآن.. وأنشأ جناحاً خاصاً هو الأجمل والأرقى بين كل مستشفيات العاصمة.. رفع كفاءة المستشفى حتى صارت قبلةً لكل المرضى في ولاية الخرطوم وأم درمان على وجه الخصوص.. أقام توأمة مع مستشفى الفتح الذي يغطي (140) حارة حيث بات يذهب له كل الإختصاصيين فارتفعت كفاءته من (20 الى 100%).. هذا الرجل فعل الكثير والحق يُقال. طيب.. على الصعيد الشخصي يشهد له الجميع بالنزاهة والكفاءة والانضباط.. فالرجل يدخل المستشفى الثامنة إلاّ ربع صباحاً ولا يغادرها إلاّ الثامنة مساءً.. يعمل حتى في الجمع والعطلات الرسمية وبلا مقابل.. مهنياً هو طبيب في الدرجة الأولى واختصاصي (شاطر جداً) في الجراحة العامة وصاحب سيرة مهنية متفوقة و(نظيفة).. السبب الذي أعفي به علاء الدين مضحك.. إثنان من صغار الأطباء بعث بهما مدير الطب العلاجي للعمل في المستشفى.. أحدهما يأتي بعد حضور الدكتور علاء الدين.. يسأل كثيراً عن الحوافز.. الدكتور أبلغه أن أمر الحسابات يخص الإدارة المالية، وأن عليه الحضور باكراً لمباشرة عمله.. إجابه الشاب بكل ترفع - إنت ما مسؤول مني (أنا جاي من فوق) -. مدير الطب العلاجي الذي لم يزر المستشفى الصيني طيلة العامين الماضيين تدخل دون إجراء أي تحقيق وأعفي الدكتور علاء الدين إستجابةً لشكوى (الزول الجاي من فوق).. راجعه د. مأمون حمّيدة فرفض التراجع.. هذا الأمر فجّر أزمة فى وزارة الصحة، إذ اضطر الدكتور معز حسن بخيت الذي كان يدافع عن الوزارة في كل صغيرة وكبيرة إلى تقديم استقالته لرأيه في أن إعفاء علاء الدين خطأ لا يُغتفر في حق المواطن السوداني ومهنة الطب. مدير الطب العلاجي سبق وأن أعفاه والي البحر الأحمر محمد طاهر إيلا لأسباب مشابهة ويبدو أن الحسم الذي وجده هناك غير متوافر في الخرطوم. يا سيدي الوالي هذه جريمة في حق مهنة الطب وفي حق الخدمة المدنية، فكيف يتم إعفاء طبيب مُتميِّز أخلص ونجح وأضاف بهذه الصورة.. هل أصبحت الخرطوم ولاية يُظلم فيها الناجحون بهذه الطريقة المُخلة والمُخجلة.. إعفاء علاء الدين سيظل وصمة كبيرة حتى تعاد الأمور الى نصابها ونتمنى أن يتم التحقيق في الأمر على النحو الذي يرفع الظلم ويزيل الغبن. د. علاء الدين أعلم أنك غير راغب في العودة، فلقد طالبت بك نقابة بحري في مستشفاها، وقدم لك د. كمال عبد القادر عرضاً يسيل له اللعاب في مستشفى خاص بشرق النيل، لكننا حريصين على أمثالك في مؤسساتنا العامة فهل يفعلها الوالي، بعد أن كسر مدير الإدارة قرار الوزير حمّيدة..؟!