على نحو مُفاجئ تأجّلت اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين الخرطوموجوبا، المقرر أن تلتئم أمس في الثالثة ظهراً بفندق كورال الى العاشرة من صباح اليوم في ظل غياب كامل عن ماهية الأسباب والدواعي التي دعت الأطراف للتأجيل وسط تكتم شديد من قبل الأعضاء المشاركين في الاجتماع.. مصادر (الرأي العام) أكدت أن الأطراف المشاركة كافة في اجتماع الآلية بما في ذلك وفد دولة الجنوب الوزاري وصل الخرطوم صباح أمس برئاسة وزير الدفاع، بجانب وصول المسؤولين الآخرين من الإتحاد الأفريقي والأطراف المراقبة.. الوصول المكتمل عدداً والمناسب زماناً، أفضى لاستبشار الخرطوم خيراً بإيجابية الاجتماع، إيجابية سرعان ما انهارت تحت وطأة التأجيل غير المُبرِّر إعلامياً على الأقل، خصوصاً وان الأمل انعقد على أن تبحث الأطراف فى اللجنة السياسية الامنية المشتركة الملامح النهائية لآليات تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الجوانب الأمنية كافة المضمنة في اتفاق التعاون المشترك، بالإضافة للسعي نحو وضع أسس محددة لتنزيل الإتفاق إلى أرض الواقع.. استبق التأجيل غير المُبرِّر، اجتماعات اللجنة التحضيرية الفنية، التى انهت مداولاتها الخاصة بوضع الاجندة وضمنت ذلك فى تقرير سيطرح اليوم امام الوزراء للنظر والتداول بشأنه، الامر الذي زاد من معدلات الحيرة إزاء التأجيل لجهة أن الطريق اصبح معبداً بوضع الأجندة، بالاضافة للأجواء الإيجابية التي خَلّفتها زيارة استقبلتها الخرطوم لكبير مُفاوضي دولة الجنوب باقان اموم واعتبرها المتفائلون فاتحة جديدة لعلاقات إيجابية بين الجارين، وبمثابة خطوة استباقية من قبل جوبا لتوضيح حُسن نيّتها وحرصها على تنفيذ اتفاق التعاون المشترك الموقع بين الدولتين أخيراً بأديس أبابا، فيما اعتبرها آخرون محاولة للتغطية من قبل جوبا للقيام بفعل مضاد للنيل من الخرطوم كما حدث قبل ذلك بعد الزيارة الأشهر لباقان ومقابلة الخرطوم لها بالحسنى وما تبع ذلك من اعتداء صادم للجيش الشعبي لدولة الجنوب على منطقة هجليج النفطية بعد اقل من اربع وعشرين ساعة على انتهاء الزيارة. ويأتي انعقاد اللجنة المشتركة ايضاً والتوتر والتوجس المتبادل مازال سيد الموقف بين الخرطوموجوبا على الرغم من ان جوبا كانت قد أعلنت أنها على استعداد للتوسط بين السودان وحملة السلاح من الحركة الشعبية قطاع الشمال للوصول الى حل عبر الحوار، وكرّر برنابا وزير الاعلام والناطق الرسمى باسم دولة الجنوب ما ظلت حكومة بلاده تقول به من أنها ليست لها علاقة بالجيش الشعبي قطاع الشمال وأنها لم تدعمه، واعتبر ان مطالبة الخرطوملجوبا المستمرة بالتدخل لنزع سلاح قطاع الشمال بالمخالف للقوانين والأعراف الدولية، معتبراً ان الجيش الشعبي قطاع الشمال باعتبار حركة سودانية وتحارب من داخل السودان وليس اراضٍ من داخل دولة الجنوب. الدكتور مطرف صديق سفير السودان المعتمد من قبل الخرطوملجوبا، أكد في وقت سابق أن الأمر بين الدولتين ليس خلق آليات مشتركة بقدر ما هو امر ارادة سياسية يتم التعبير عنها بالآليات، وشدد بالقول من ان ذلك لا يكفى، وقال (هنالك قناعة لدى الطرفين بأن اي عمل مضاد للاتفاق سيجد المقاومة والرفض من قبل القيادة العليا التي صارت مقتنعة اكثر من ذي قبل بأنه لا مجال لاستمرار العلاقات بين البلدين إلا بتنفيذ الاتفاق بحُسن نية). حُسن النية الذي اشار اليه الدكتور مطرف، بدا ككلمة السر في محاولة لإعادة التوازن النفسي لدى سياسيي البلدين، فجرى خلال الفترة الماضية اتصال هاتفي من قبل الرئيس البشير مع رئيس دولة الجنوب الفريق سلفا كير اتفقا عبره على تسريع عملية تنفيذ الاتفاق المشترك.. وتنعقد الاجتماعات اليوم كذلك والخرطوم في مستواها الرسمي آثرت الصمت حيال ما سبق وان اعلنه باقان اموم بمقر سفارة جوبا فى الخرطوم بان اتفاقاً قد تم بين الدولتين على تصدير نفط الجنوب عبر الشمال، إلا أن تسريبات عبر مصادر لم تشأ أن تفصح عن نفسها ذكرت لبعض وسائل الإعلام بتكذيب حديث باقان وان الخرطوم أبلغته صراحةً بتمسكها القاضي بتسوية الملف الامني اولاً ومن ثم الولوج الى الملف الاقتصادي المتفق عليه أصلاً.. التأجيل المتكتم على اسبابه صادف أهواء الكثيرين ممن يريدون ترجمة اختناق الخرطوموجوبا في أعصاب قياداتهم، بتعثر الاتفاقيات الموقعة بين العاصمتين وعدم تحولها الى واقع ملموس للوصول الى حرب تستنزفهما مادياً وعصبياً، ويرى كثيرون أن توقيت التأجيل غير موفق لجهة أن الخرطوم تعاني جملة من النكسات بعد اتفاق أديس أبابا بدءاً باليرموك مروراً ب (التخريبية) والسلفية وصولاً لحادثة الفاشر وغرق طلاب الجزيرة.. ترجيحات مراقبي الخرطوم تذهب في اتجاه أن تأجيل اجتماع اللجنة يجئ لإتاحة الفرصة لإجازة الاجندة أو لإعادة تقديم وتأخير بنودها. فيما كشفت مصادر ل (الرأي العام) أمس عن اعتراض القيادة في جوبا على جزء من محاور وفقرات الأجندة وأن التأجيل يجئ لتضمين المقترحات الجنوبية ليس إلا.