لنعيد تعريف من هو الطالب الجامعي في يومنا هذا ،كم من طالب تجده أمامك بالمصادفة أو طالبة فيجعلك تفكر في الخطر المحيط بأبنائك أو القادم الذي ينتظرهم ،ليس الذي يثير الاشمئزاز هو مجرد الزي الذي يرتديه أو ترتديه ،فهذه محطة تجاوزوها في تبذلهم ،فقد لفتت إحدى (الحاجات ) الطالب الذي يجلس أمامها في (الحافلة ) على مقعد (النص) عندما قام ليمرر راكباً آخر ،قالت له (يا ولدي أرفع بنطلونك دا ناصل ) فرد عليها (لا يا حاجة دا سيستم الموضة كدا) أما عن أزياء الطالبات فحدث ولا حرج ،إلا أن هذا الحديث ليس للتعميم وإن كان نهجا غالبا ، فالكثيرون من الطلاب والطالبات لا يزالون يعبرون عن التزام صارم وتوجه جاد وتفهم للمهمة التي هم فيها في المؤسسات الجامعية ،وأتعجب ماذا يفعل الطلاب في يومهم ،ما فائدة من لا يعرف هدفه لا في الحياة ولا في الجامعة التي انتسب إليها ولا التخصص الذي سلكه ولا يدرك أهمية الوقت ولا قيمة التحصيل العلمي أو التطوير المعرفي أو المسئولية التي تنتظره تجاه نفسه وأسرته وأهله ومجتمعه وبلده وأمته ؟،لقد جربت سؤال العشرات لماذا اخترت هذا التخصص ولم يكن لأحدهم إجابة منطقية أو لا تتجاوز أنه موضة أو لأن فلانا أو فلانة اختارته ،اختبر قدرات الطلاب الشخصية في امتلاك القدرة على تمييز الخير من الشر أو الغث من الثمين أو الحلال من الحرام أو ضع بين يديه رأيين أو ثلاثة وقل له توصل إلى رأي توفيقي بينهما ؟ معظم الطلاب مسخ بلا شخصيات بلا تحفيز لعوامل الشخصية المستقلة أو القادرة على الاستقرار ،لذا لن يصعب على أية جهة أن تفرض عليها الوصاية أو أن تضعها تحت الانتداب أو الاحتلال ،هذا عن الشخصية أما عن الحصيلة الأكاديمية فحدث كما تشاء ،ولقد حول امتحان الشهادة السودانية عقول الطلاب إلى (شامل امتحانات يحفظ الأسئلة والأجوبة لامتحانات السنوات السابقة والامتحانات النموذجية دون أن يفهم من مفاهيم المادة الكثير ) وهنا تحضرني قصة البروفيسور المصري الذي نال جائزة الدولة التشجيعية في الكيمياء وطلب منه ابنه الممتحن للشهادة الثانوية أن يحضر له مدرسا خاصا لمادة الكيمياء ،فرد عليه والده كيف أحضر لك مدرسا للكيمياء والدولة تقول إنني أفضل كيميائي مصري بعد أحمد زويل ،سأدرسك بنفسي ،فعكف على تدريسه مقرر الكيمياء منذ بداية العام الدراسي بتأنٍ وتعمق ،فلما جاءت النتيجة كانت المفاجأة أن نجح ابنه في كل المواد عدا الكيمياء ،فلما استفسره والده قال له (هو أنت يا بابا درستني الكيمياء ،وأنا كنت عايز المدرس الخصوصي عشان يدربني كيف أحل مسائل الامتحان وأسئلتو).فليس مستغرباً أن تصبح الجامعات مسرحا للظواهر السالبة مثل تعاطي المخدرات والاتجار بها وعصابات الاتجار بالجنس واحتمالات التنصير حيث أوردت الزميلة الجريدة أمس الاول خبرا مفاده أن السلطات تحقق حول عمليات تنصير بالجامعات ،كما أشارت دراسة علمية تعاطي المخدرات وسط طلاب وطالبات (13)جامعة بالخرطوم . حاشية:. ليس مستغربا في جامعات يسودها الخواء الفكري وتنعدم فيها المناشط الثقافية والرياضية والاجتماعية التي تحتوي طاقات الطلاب المتفجرة ، بدلا من أن تتحول إلى عنف سياسي حين يصبح العقل الخاوي من الفكر والثقافة والقيم والدين مجرد جسد وعضلات يوجهها أرباب العنف خارج أسوار الجامعات كيفما يشاءون ،وحينما يربي أولياء الأمور أجساد أولادهم وبناتهم دون الاهتمام بعقولهم ،والجسد مرتع للشهوات ،يستطيع كل من يشاء برمجته وقيادته كما يشاء تماما كما تدير البرمجيات جسد الحاسب الآلي، ولا غرو أن تتكالب عليها الجوائح والآفات والإحن من كل حدب.