فى مثل هذا اليوم الأغر و قبل 57 سنة خلت أعلن نواب الشعب فى أول برلمان منتخب استقلال السودان , و عادة ما نذكر فى هذا اليوم أبطالاً لنا ارتبطت أسماؤهم بالإنجاز الوطني الأعظم , إسماعيل الأزهرى رئيس الحكومة و محمد أحمد محجوب زعيم المعارضة و مبارك زروق زعيم الأغلبية , و عبد الرحمن دبكة مقدم اقتراح الاستقلال و مشاور جمعة سهل مثنى الاقتراح , لكن التاريخ سجل أيضاً أسماء نواب جنوبيين أسهموا فى تحقيق الإجماع لمقترح الاستقلال . و لا يقلل من عظمة دورهم أنهم ينتمون الآن لدولة أخرى . يعتبر السياسي الجنوبي بنجامين لوكي رئيس حزب الأحرار فى تلك الفترة و قائد كتلة الجنوبيين فى البرلمان الأول , من أعظم السياسيين فى تاريخ السودان , فقد رأى مبكراً خطر تجاهل خصوصية الجنوب فى الوطن المتطلع للاستقلال , فاشترط باسم من يمثل منح المديريات الجنوبية حكماً فيدرالياً فى إطار السودان المستقل الموحد , فى مقابل تصويت النواب الجنوبيين لمقترح إعلان الاستقلال من البرلمان , و بقية القصة معروفة . أصبح الجنوب الآن دولة مستقلة . و لا أقيم مناحة جديدة على الجنوب و لا أنصب سرادق الأفراح لذهابه , فكلا الخيارين يصرفاننا عن التعامل مع الواقع الجديد و تجاوز البكائيات و التلاوم و تبادل الاتهامات , و عن العمل على تحقيق مصلحة الشعبين . و عل مما يعيننا على المضى قدماً لبلوغ الأهداف المرجوة احترام الطرفين للإسهامات الوطنية المقدرة التى أسداها أبناء كل إقليم للوطن الواحد . و لذا استعرض فى ذكرى الاستقلال رموزاً جنوبية قرنت اسمها بجهود وطنية مقدرة منهم ستانسلاوس بيساما و سريسيو ايرو و بوث ديو و وليم دينق و جيرفس ياك و أبيل ألير و جوزيف قرنق و شارلس مانيانق و رتشارد حسن و جيمس أجيث و رتشارد جاستن و مايكل بنجامين و هلرى لوقالى و صمويل أرو . عندما تهل علينا ذكرى الاستقلال نجتر الذكرى بعاطفة مشبوبة خاصة بعد مرور هذه الفترة الطويلة التى باعدت بيننا و بين رواد الحركة الوطنية الذين غادروا هذه الدنيا , فأصبحنا و كأننا نراهم عند أفق بعيد و قد أداروا ظهورهم للدنيا فى مسيرة أبدية نحو بعيد مطلق , فتجيش النفس بالمشاعر و نذكر ضمن من نذكر بنجامين لوكى الذى يتوسد الآن ثرى وطن أحبه . و ضع من قبل ياسر عرمان (زهرة على قبر بنجامين لوكي) , فلنضع فى ذكرى إعلان الاستقلال من البرلمان باقة من الزهور على قبر لوكي أحد صناع الاستقلال , و أحد رموز الحرية فى الجنوب و الشمال .