لم يتركوا للبرنس خيارا غير الذى اختار، ولانه يحب صعود الجبال أبى ان يعيش بين الحفر، هم لم يخيروه حينما قرروا إعدامه من كشوفات الهلال، لم يسألوه ان كان يحب المقصلة ام يتمناه بالرصاص، المهم نفذوا حكمهم على القائد وتركوا الجيش بلا قيادة، والآن أرى انه من الظلم ان نختار لهيثم الطريقة التى يحمل بها جرحه ويرحل، من غير اللائق ان نصادر حقه فى الألم، فهو الذى يختار كيفية التعبير عن وجعه وحزنه لظلم ذوي القربى . من الواجب ان نقول لهيثم مصطفى الذى حمل الهلال هماً وقضية قبل ان يذبحه (أهله) من الوريد الى الوريد، شكرا يا أمير، أنت أحق بالتحية، و نسأل الله ان يبارك له فى مسيرته أينما حل، بل من واجبنا ان نشكر فريق المريخ وهو يكفكف جراح القائد المهزوم، ويقيل عثرة كابتن السودان، ويداري خيبتنا فى الهلال بقرار شجاع أثبت انه فريق كبير له مسؤوليات تجاه الرياضة تتجاوز نتائج الملعب ومعادلة الغالب والمغلوب. شكرا هيثم.. ليس من حقنا بالفعل ان نصادر حقك فى التأوه ،وليس من الشجاعة ان نعارض خيارك الذى مضيت اليه بصبر واحتساب لاننا ظللنا نتفرج عليك وأنت تساق الى حتفك يوما بعد يوم،سنظل نذكر كيف كان (البرنس) يصول ويجول فى المدينة الزرقاء فارسا يذود عنها بالنفس والولد، سنبارك اختيارك وندعو لك بالتوفيق رغم الحزن عليك وعلى الكيان الذى اضطرك للبس القميص الأحمر، نعلم انك غيرت وطنك وجنسيتك وهويتك ولكنهم لم يتركوا لك غير هذا الطريق. لم أتخيل هيثم فى فريق غير الهلال، ولكن طالما حدث هذا فمن الأوفق ان يظل هذا المارد فى القمة، وان أمضي فيها يوما واحدا، فالرجل لا يستحق ان يمضي الى منزله مشطوبا ويترك الكرة بأمر مجلس البرير طالما ان حب الكرة يجري فى عظمه ودمه، وحتى إن لم يكن قادرا على العطاء فمن الأوفق لهذا السودان ان يعتزل هيثم مصطفى وهو لاعب مقيد فى ناد عريق مثل فريق المريخ الذي أثبت بالفعل انه الزعيم بعد ان تفرق الأسياد بفعل الأجندة والغبائن والمؤامرات، فصار النادي الكبير بدون (أسياد) وغادره (سيدا) الى حيث مكان آخر يقدر عطاءه وموهبته وإخلاصه وولاءه للشعار. نعم حزنت جدا وأنا أرى هيثم مصطفى يرفل فى الثياب الحمراء، كان يشبه (الجندي المأسور) ربما كان أسيرا لغرام الهلال الذي ما انفك يلون ملامحه، كان مأسورا بغير هزيمة، ومهموما بدوافع حزينة جعلت أمامه خيارا واحدا لا غير، حتى وهو فى أسر القميص الأحمر كان كبيرا يرنو الى مستقبل يرد فيه على من شككوا فى عطائه ويوقع بدموع الدم على الانتماء لأرض جديدة ربما يجد فيها بعض الوفاء الذى افتقده فى الديار الزرقاء. وداعا هيثم مصطفى.. انطوت صفحة خالدة من تاريخ جندي عظيم أوصله الحب الى اراضي الخصم، فكانت واحدة من أكبر كرامات هيثم ان ألد الخصوم فى تاريخه صاروا الحضن والملاذ الذى احتضن وجعه وكفكف دمعته وداوى جرحه، وداعا هيثم وبالتوفيق فى القلعة الحمراء.