رضي آدم موسى مادبو القيادي في التيار العام بحزب الأمة، أن يكون صدىً ليتردد لما يقوله رئيسه السابق في حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي. فالذي يطالع صحف الخرطوم المختلفة لن يجد شيئاً يستحق الذكر لمادبو منذ شق طريقاً، وتياراً خاصاً به وبعض الغاضبين من قيادة حزب الأمة القومي. فقد اختزل مادبو كل ظهوره السياسي المتقطع أصلاً في التعليق على ما يقوله الإمام ويصدر عنه من أحاديث ومواقف سياسية جريئة يعجز مادبو عن الإتيان بمثلها في الواقع. وفي صحيفة «آخر لحظة» الغرّاء أمس، رحّب مادبو بنية الإمام الصادق المهدي التخلي عن رئاسة الحزب العام المقبل، ولكنه أتبع ذلك بتحذير مُفخخ للمهدي من الدفع بأحد أبنائه أو بناته أو نسائبه لقيادة الحزب. ولم يبق له إلا أن يشير باستحياء إلى نفسه ويقول إنه البديل الجاهز للسيّد الصادق رغم الفوارق الفكريّة والمعرفيّة والسياسيّة العصيّة على الإنكار بينه والإمام. حديث الصادق عن عزمه التخلي عَن رئاسة الحزب رغم إرسائه لأدب جديد في الممارسة السياسية السودانية، لم يجد ارتياحاً كبيراً في أوساط الحزب كما قال مادبو. بل على العكس من ذلك لم يعجب ذلك الكثيرين طَالما كَانت للإمام القدرة على العطاء والتفكير والتخطيط السليم بصورة قلّما تتوافر لمجايليه، وربما حتى للشباب الذين يحسدون الإمام على لياقته الذهنية والرياضية فيما يبدو. تمنّى مادبو أن يضع المهدي حديثه عن الإعتزال موضع التنفيذ في المواعيد المحددة، لكن هل يجرؤ مادبو على أن يقول ذات ما ذهب إليه الإمام، وهل يرضى بأن يطالبه أحد أياً كان بأن يحرم أبناءه من تقلد المواقع السياسية طالما كان ذلك بكسبهم وعطائهم وليس بمنحة من أحد؟.. لماذا إذاً يرضى مادبو للإمام ما لا يرضاه لنفسه ويحذره من تقديم أي من أبنائه الأكفاء لتقلد أرفع المناصب؟.. هل هي الغيرة كما يقولون، أم ربما هو الحسد السياسي كما يقول البعض عن مادبو عندما يرونه صوّب سهام نقده غير المؤسس على منطق أو معقول. الشهادة التي لا ينكرها حتى ألد خصوم الإمام الصادق المهدي، هي أنه أحسن تربية وتأهيل وتعليم وتثقيف أبنائه حتى جعلهم أرقاماً تستعصي على القفز من فوقها في معادلات السياسة بالبلاد، ومجالات أخرى. فكما تتحرك مريم السياسية بشجاعة يفتقدها الكثير من الرجال، فإنّ رباح الكاتبة الصحفية ذات الثقافة الموسوعية تظل قلماً من العيار الثقيل، في مجال العسكرية العقيد عبد الرحمن الصادق، وفي الهندسة والبزنس الباشمهندس الصديق وغير ذلك من أبناء الإمام الأكفاء لدرجة تجعل كل واحد منهم أو حتى واحدة جديرة أو جديراً بخلافة الإمام شريطة ألاّ يتم ذلك فقط لأنهم أبناؤه، ولكن لقدراتهم الخاصة وإمكاناتهم القيادية غير المنكورة. من الآخر، فإن الحديث عن توريث المهدي قيادة الحزب لأبنائه ظل فزاعة يطلقها بعض من لا يستطيعون المنافسة على قيادة الحزب وهم يستبطنون خوفهم من أبناء الامام لمعرفتهم بقدراتهم جيداً. وقلنا من قبل إن أبناء الإمام ومن هُم حوله بصورة عامة لم يأتوا للمواقع التي هم عليها الآن إلاّ بالإنتخاب، وقد تَضَرّروا - كما قلنا سابقاً - من قربهم من الإمام أكثر من استفادتهم من هذا الأمر، وليس من الإنصاف ألاّ يصعدوا للمواقع الأعلى فقط، لأنّ مادبو لا يريد ذلك.