كلما يسألني سائل عن مُستقبل السلفيّة في السودان، لا تخرج إجابتي عن انّها بلا فرصة في المستقبل وبلا فرصة إلى المستقبل، فإسلام السودانيين منذ أن دخل الإسلام السودان من أبوابه المعروفة صار من فطرتهم، فهو إسلامٌ يناسب تُربته لذلك نَبَتَ مثل محاصيله الزراعيّة... أمّا ما تسألونني عنه فهو نبات صحراوي ينبت بلا زرع وبلا سقي! لكنّي في الوقت ذاته لا أتَوَقّعُ صِداماً بين تديّن السودانيين الشعبي والتديّن السلفي، أو بين إسلام السودانيين الفطري والإتجاهات السلفيّة التي يراها البعض آخذة في تثبيت أقدامها على أرض السودان... فالسلفيّون عندما يكونون سودانيين والسودانيون عندما يصيرون سلفيين لا يستغنون عن إسلامهم الفطري، لذلك فإنّ مَنْ يتوقّعُ مصادمات لها إيقاع وقعقعة وقواقع سيطول إنتظاره... بمشيئة الله الواحد الأحد رب العالمين ورب السودانيين لن نشهد صراعا بين النبات الصحراوي والنبات السوداني! الدول التي ترعرعت فيها السلفية نَبَتَتْ في تُربةٍ تشبهها... والإسلام السلفي الجهادي آتٍ من الخارج من وراء الجبال بحركة الرياح، وعلى كثرة جبال السودان فإنها لن تأويه، ووفد المقدمة للسلفيّة الجهاديّة في السودان لم يجد له جبلاً يعسكر فيه إلا في حظيرة الدندر! منذ أنْ نالَ الإسلام السياسي في السودان درجة التمكين رَصَدَ مراقبون نمو التيارات السلفيّة فظهرت أعراضها وعلاماتها في الحياة السودانية، ومع ذلك فالتُربة ليست تُربَتها... لذلك يهاجر بعضهم إلى بلدانٍ يرى نفسه فيها، أو هاجر بعضهم إلى شمال مالي وإلى الصومال بحثاً عن تُربةٍ ملائمة! تُروّج بعض المصادر أنّ ليالي ذكرى مولد الرسول الأعظم القادمة ستكون ميدان المواجهة بين الإسلام السلفي والإسلام السوداني ، لكنّي والله لا أرى لذلك أُفقاً... وأزيد على ذلك بأنّ مَنْ أراد البحث عن السلفيّة الجهادية في السودان فإنّه بلا شك أخطأ عنوان البحث، وعليه أنْ يستخدم محرّك بحث قوقل، ليعرف العنوان الأصح! إذا رأيتم الشرطة السودانية تنتشر في ساحات المولد فهذه هي الأوامر الصادرة إليها ، لكنّي على يقيني بأنّ السودان ليس من دول حوض السلفيّة... السودان من دول حوض النيل!!