بعد أشهر من الجدل حول موعد وكيفية التدخل العسكرى فى شمال مالى يبدو ان الهجوم على بلدة «كونا» الصغيرة الفاصلة بين شمال مالي، التي تحتلها عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجنوب مالى الذى يسيطر عليه الجيش (المالى)، قد عجل بالتدخل الدولي في مالي، هكذا ترى افتتاحية لوفيغارو الفرنسية امس السبت بعد يوم على قرار الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند استهلال بلاده التدخل العسكرى فى مالى الخطوة الفرنسية وجدت ترحيبا دوليا واسعا ،حيث رحب رئيس الاتحاد الافريقي توماس يايي بوني بالتدخل العسكري الفرنسي دعما لحكومة مالي ضد الجماعات السلفية،وأوضح يايي بوني ان قرار الحكومة الفرنسية يشجع دول اخرى في حلف شمال الاطلسي (الناتو) على مساعدة سلطات مالي، كما اعلنت اسبانيا وبريطانيا دعمهما للخطوة الفرنسية واعلنت واشنطون انها لم تتلق طلبا بالمشاركة. وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قد أعلن أن القوات الجوية الفرنسية شنت غارة في مالي يوم الجمعة ،وجاءت الغارة الجوية الفرنسية مع بدء تدخل عسكري فرنسي في مالى لمساعدة الحكومة على صد تقدم المتمردين باتجاه الجنوب، وهو ما عززه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بنفسه للصحفيين بباريس عندما قال القوات الفرنسية قدمت دعمها لوحدات جيش مالي لقتال عناصر ارهابية... هذه العملية ستستمر ما تطلب الأمر ذلك. وحسما للجدل بشأن شرعية التدخل الفرنسى سارع هولاند الى القول إن قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تعني أن فرنسا تعمل وفق القوانين الدولية، وسمح مجلس الأمن الدولي في ديسمبر الماضي بإرسال قوات بقيادة افريقية تدعمها دول أوروبية، ومضى هولاند شارحا طبيعة المهمة الفرنسية فى مالى ليقول إن فرنسا ستتدخل لمنع أي تقدم للمتمردين الإسلاميين جنوبا في حين شن جنود من مالي هجوما مضادا لاستعادة بلدة سيطر عليها المتشددون هذا الأسبوع، واضاف هولاند في كلمة بمناسبة العام الجديد امام دبلوماسيين وصحفيين «نواجه عدوانا سافرا يهدد وجود مالي. فرنسا لا يمكن أن تقبل هذا.» وتابع قائلا «سنكون مستعدين لوقف هجوم الإرهابيين إذا استمر. التدخل الفرنسى جاء تلبية سريعة لطلب حكومة مالي لمساعدة عسكرية عاجلة من فرنسا يوم الخميس بعد تقدم المقاتلين الإسلاميين جنوبا واستيلائهم على بلدة كونا في وسط البلاد. وأثار تقدم المتمردين الذعر بين السكان في بلدتي موبتي وسيفيري القريبتين حيث توجد قاعدة للجيش ومطار. وقال المدير التنفيذي لمعهد الدراسات الأمنية في جنوب أفريقيا جاكي سيلييه فى مقابلة مع وكالة رويترز حول دواعى التدخل الفرنسى :يعتقد الفرنسيون أن فرنسا وأوروبا تواجهان تهديدا أمنيا حقيقيا مما يحدث في منطقة الساحل. ووجدت الخطوة الفرنسية المساندة الاوربية حيث قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج إن بريطانيا تؤيد قرار فرنسا بتقديم دعم عسكري للحكومة في مالي، ومن جانبها قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ان الاتحاد سيعجل استعداداته لارسال فريق إلى مالي لتدريب الجيش الحكومي ،واقر الاتحاد الاوروبي خططا في ديسمبر لارسال نحو 200 مدرب إلى مالي للنهوض بمستوى الجيش الحكومي. ومن المقرر ان تصل الدفعة الاولى من المدربين في اواخر فبراير او اوائل مارس. وترى صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، ان التدخل الفرنسى ساعد فى تغيير ديناميكية الصراع الدائر بين قوات الحكومة والمعارضة المسلحة، ما يعجل بتنفيذ خطط حول إستراتيجية عسكرية واسعة النطاق.وأشارت إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية «بنتاجون» تدرس حاليا عددا من الخيارات بشأن تدعيم المسعى الفرنسي، من بينها تعزيز مسألة تبادل المعلومات الاستخباراتية واللوجيستية، إلا أن واشنطن لا تنظر فى إرسال قوات إلى مالى، ومضت الصحيفة لتقول إن الإدارة الأمريكية والحكومات الأخرى حول العالم حذرت مرارا من إمكانية وقوع شمال مالى فى أيدى المتطرفين، ووصفتها بأنها مأوى آمن للإرهابيين الذين يمكنهم تنظيم صفوفهم بهدف السعى إلى السيطرة على المنطقة وما حولها من جانبها اهتمت الصحف الفرنسية الصادرة امس بقرار الرئيس هولاند الخاص بتدخل القوات العسكرية فى مالى لدعم سلطات باماكو فى مواجهة زحف الجماعات الإسلامية المسلحة وبعنوان «فرنسا تدخل فى حرب بمالى»..كتبت صحيفة «لوفيجارو» ان التدخل الفرنسي تم أيضا «جوا» وفقا لما صرح به لاحقا وزير الخارجية لوران فابيوس،ونقلت «لوفيجارو» عن مصدر مقرب من وزير الدفاع الفرنسي جون إيف لودريان قوله ان التعزيزات الأوروبية التى سترسل وبشكل طارىء على الأرض فى مالى لاحتواء تقدم المتطرفين ، تتألف من مدربين فرنسيين وألمان، كجزء من البعثة الأوروبية لدعم الجيش المالي. من جهتها، أبرزت صحيفة «ليبراسيون» اليومية وتحت عنوان «فرنسا فى حرب» إعلان التدخل العسكرى الفرنسي فى مالى والذى جاء على لسان الرئيس هولاند.وأشارت الصحيفة إلى أن أمس الاول يعد بالنسبة للرئيس الفرنسي نقلة كبرى فى ولايته التى تستمر خمس سنوات بالاليزيه حيث أتت «الفرصة المزدوجة» بإثبات ذاته على الجبهة الخارجية وتحقيق النصر للمرة الأولى على الساحة الوطنية.