دائماً ما يجئ ذكر أبناء أبيي بوصفهم من أكثر الرافضين لتطبيع العلاقات بين السودان وجنوب السودان ما لم يحسموا تبعية منطقة أبيي أولاً لصالح الجنوب، ويبدو أن الضغوط التي مارستها قيادات الحركة والجنوب من أبناء دينكا نقوك، قد فلحت في حمل الرئيس سلفا كير للتملص من تنفيذ اتفاقيات التعاون الثماني المبرمة في سبتمبر الماضي رغم الشهود الإقليميين وعدسات المصورين التي وثقت لذلك الالتزام الرئاسي. فقد وضح جلياً قدرات أبناء أبيي التأثيرية على مجريات الأمور بالجنوب بحكم ثقلهم في مفاصل الحكومة والحركة الشعبية الحاكمة هناك إلى جانب العلاقات الخارجية الفاعلة التي يتمتعون بها. أبناء دينكا نقوك يرون انه لابد من حسم ملف أبيي أولاً قبل تنفيذ أي من اتفاقيات التعاون الموقعة بين الجانبين، ويرون في المناورة وعدم تنفيذ الاتفاقيات الأمنية على وجه التحديد ورقة ضغط مهمة يمكن أن تحقق لهم ما يأملون فيه من مكاسب على الأرض في أبيي من جهة معرفتهم بأهمية فك الارتباط وإيقاف الدعم والإيواء للمتمردين للخرطوم، لذلك يضغطون في اتجاه التسويف وربما التملص من تنفيذ تلك الاتفاقيات التي مازالت معلقة في الهواء. أكثر أبناء دينكا نقوك فاعلية في المشهد الجنوبي هو وزير مجلس الوزراء دينق ألور، فدينق هو المرجعية لأبناء نقوك فيما يتصل بأبيي والملم بأدق تفاصيلها حسبما قال ل (الرأي العام) د. لوكا بيونق. فهو يتمتّع بنفوذ واضح في حكومة الجنوب التي يعد أكبر وزرائها، وفي الحركة الشعبية الحزب الحاكم هناك الذي يشغل فيها وضعاً قيادياً متقدماً، هذا فضلاً عن علاقاته الخارجية التي اكتسبها على أيام إمساكه بملف العلاقات الخارجية للحركة على أيام الراحل جون قرنق. وعلى أيام قرنق كذلك فقد أصبح حاكماً على بحر الغزال، ووزيراً لخارجية الحركة، كما أصبح وزيراً لخارجية السودان بعد لام أكول. يلى دينق ألور في التأثير د. لوكا بيونق الذي شغل قبل الانفصال منصب وزير مجلس الوزراء في الحكومة الاتحادية بالخرطوم، ووزيراً لشؤون الرئاسة بدولة الجنوب. والآن يشغل منصب الرئيس المشترك لللجنة الإشرافية لمنطقة أبيي من جانب دولة الجنوب ويسعى بإلحاح لنقل الملف إلى مجلس الأمن الدولي، حيث أصدر تصريحات أمس تدعو الجهات الخارجية للتدخل لحل قضية أبيي، بينما يقوم هو في الواقع بجولات خارجية ماكوكية لنقل الملف إلى مجلس الأمن لتأكدهم من انحياز حلفائهم هناك إلى موقفهم في قضية أبيي. ويضع البعض شقيق لوكا د. فرانسيس دينق الذي كان مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة في درجة أعلى من التأثير، فهو الآن يمثل الجنوب في الأممالمتحدة ولديه من العلاقات الدولية والمعرفة الكافية بكيفية طبخ القرارات في المطابخ الأممية. وبالتالي فإن تأثير رجل كهذا يبقى كبيراً على مسار الملف بالداخل والخارج ربما. من أبناء دينكا نقوك النافذين أيضاً اللواء إدوارد لينو، فقد كان في عهد قرنق رئيسا لجهاز إستخبارات الحركة الشعبية وأسندت إليه الكثير من المهام في إدارة أبيي، فرغم فشله في جميع تلك المهام إلا أنه يظل من قيادات دينكا نقوك الذين لا يقفز من فوقهم في الجنوب. وفي الجيش الشعبي بالجنوب هناك عددٌ من أبناء دينكا نقوك يمسكون بمفاصل الجيش. كما يوجد آخرون يمسكون بمفاصل جهاز الأمن في الجنوب، وآخرون في الجسم السياسي. وإلى جانب ذلك، في مجال الدبلوماسية نجد سفير دولة جنوب السودان في أثيوبيا من أبناء دينكا نقوك، وكذلك سفير دولة الجنوب في روسيا شول دينق، وسفير دولة الجنوب في جنوب أفريقيا، وفي إيطاليا، ودول أخرى كبيرة ومؤثرة، ولذلك هم نافذون ولديهم مقدرات على مستوى تقارن بمستوى الدول على ذمة الخير الفهيم الرئيس المشترك للجنة أبيي الإشرافية.