استشهد قبل أيام شرطى و هو يؤدى واجبه الصعب فى الحفاظ على أمن المجتمع , و هو ليس الشرطى الأول الذى يستشهد أثناء تأدية واجبه , إذ لا بد أن تحتفظ السجلات الرسمية بقائمة طويلة من الشهداء . و يكفى أن نقول أن ذاكرتنا التى لا يعول عليها فى رصد المشاهد البطولية للنظاميين , ما زالت تحتفظ بصورة شهادة خمسة عشر شرطياً فى حملة لمعالجة ظاهرة السكن العشوائى . و ما ارتفع عدد الشهداء إلا لحرص الشرطة على عدم إستخدام قوة زائدة مع مواطنين مدنيين , و لا يخفى تفوق القوة لصالح الشرطة و ما كانت ستؤدى إليه المواجهة غير المتكافئة . و تحفظ ذاكرتنا الصورة البطولية و الشجاعة النادرة للضابط (عماد) حين قرر فى أجواء متوترة الدخول إلى مجمع سكنى خاص بقوات مناوى فدفع حياته ثمناً للواجب , و نذكر زميله إبراهيم الذى قدم روحه و هو يؤدى رسالته . و لا أحتاج لأدلل على الدور الذى تقوم القوات المسلحة فى الذود عن الوطن و حماية الشعب من إعتداءات الأعداء . هذه شهادة فى حق القوات النظامية لا يختلف عليها إثنان , و للحرص على الصورة الزاهية للشرطة و الجيش لا بد من الإزالة الفورية لكل شائبة قد تعلق باللوحة الرائعة ,, فقد تعددت أخبار لنظاميين يستخدمون السلاح الذى أعطى لحماية الوطن و المواطن فى تصفية حسابات شخصية و خلافات أسرية لا علاقة لها من قريب أو بعيد بما كلف به الجندى و أعطي فى سبيله السلاح ,, ففي أيام معدودة راح ثلاثة أبرياء فى حادثين منفصلين على أيدى نظاميين بسلاح (رسمى) , و تضاف الجريمتان إلى جريمة ظلت صفحات الحوادث تلاحقها لزمن تحت مسمى مجزرة الكلاكلة أتهم فيها جندى أيضاً , و إلى حوادث أخرى متفرقة تتشابه تفاصيلها. لن تكون قلة هذه الحوادث مبعثاً للتبرير أو التطمين بإعتبار أن الجريمة لا جنس لها و لا مهنة , فالجريمة تكون أكثر إزعاجاً عندما ترتبط بأجهزة يعتبر (الإنضباط) هو السمة الأبرز فيها .. بل لا يقبل الإستخدام المفرط للقوة حتى فى مواجهة المخالفات , كما حدث فى ملاحقة المحتطبات فى القضارف و مهربين فى كسلا . و لابأس أن أعيد للمرة الثالثة التذكير بخطر تعبير النظاميين و المدنيين المسلح عن الفرح فى بيوت الأعراس الذى راح ضحيته كثيرون بدون أن تجد الظاهرة الإهتمام المستحق و بدون أن يجد الجناة عقوبات رادعة الشئ الذى أدى و يؤدى لتكرارها . نعلم أن كثيرين ماتوا غدراً بسلاح أبيض فى حوادث (ملكية) صرفة , و أن السلاح النارى كان أداة القتل فى جرائم أخرى بين مدنيين لاعلاقة لهم بالقوات النظامية , لكن الجيش و الشرطة (غير) كما يقول أهل الخليج . نسأل الله أن يرحم شهيدة جامعة النيلين , و نرجو أن يكون الحادث دافعاً لمراجعة الموضوع برمته .