عندما تسمع كلمة إدمان يذهب عقلك مباشرة إلى المسكرات والمخدرات وما شابه ذلك ، إلا أن كلمة إدمان كلمة واسعة وتحمل في مساحتها الكثير من الصور، ومن بينها صور إدمان لا يكتشفها المدمن إلاّ حينما يحتد على ذلك بظرف خارجي عن إرادته، وفي المساحة التالية وقفت (الرأي العام)على بعض حالات الإدمان التي لم يكن يشعر المصابون بها أن لديهم حالة إدمان يجب التخلص منها!! مثلا الزميلة الصحفية (مشاعر) مدمنة على شرب القهوة وعند حلول شهر رمضان والصوم والإمساك عن الطعام والشراب، تعوض شرب القهوة بشمها بحثا عن راحة لرأسها الذي يكاد ينفجر حسب تعبيرها، و تقول (مشاعر): منذ أكثر من عشر سنوات وأنا أعاني فعلا بسبب إدمان القهوة، إلا أنني عجزت ويئست من العلاج، وقد حاولت مرارا خاصة عندما يتطلب وضعي الصحي التخفيف منها أو عند الصيام حيث يكون رأسي في حالة دوران وصداع شديد ، وبسبب محاولاتي الفاشلة في العلاج قررت أن أتأقلم مع الوضع وأتحمل التعب فليس هناك سبيل سوى ذلك!! ويذكر (مجاهد) موظف أن وضعه شبيه بعدد كبير من الناس الذين أدمنوا على التدخين، فأنا مدمن للشاي لدرجة المبالغة، وعندما لا تتيح لي الظروف تناوله اصبح في عالم آخر وبعيدا عن الذين معهم بسبب (الصداع) وعندما فكرت في ترك الشاي لم استطع ذلك !! وتتحدث الطالبة (نسرين العوض) عن إدمانها للشيكولاتة بشكل شره أضر بصحتها وكانت تعتقد أنها متى أرادت التوقف عن تناول الشيكولاتة ستتوقف، وعندما أرادت فعلا وجدت المسألة في غاية الصعوبة، قائلة: بقيت سنوات طويلة وأنا أتناول الشيكولاتة بشكل إدمان دون أية مقاومة ،معتقدة أنه تصرف تحت سيطرتي وليس هناك أي خضوع نفسي إلا أنني اكتشفت انه انسياق كامل وراء الشيكولاتة وليس لدى أدنى مقاومة وقد عانيت منذ سنوات كي أتخلص من هذا الإدمان، و اقتنعت أن من يعتاد على سلوك ما مهما كان وأدمنه سيصبح هو المسيطر عليه وهو المتحكم فيه !! ويشير (عبد الغني احمد) طالب جامعي الى حالته الغريبة وهي إدمانه النوم على التلفاز وكان يعتقد انه المتحكم في سلوكه، وبدأ يكتشف نفسه عندما ذهب للدراسة وحكمت الظروف أن يتشارك مع زميلين في الغرفة كانت مأساة بالنسبة له بسبب فرض زملائه إغلاق التلفاز وإطفاء الأنوار عند النوم وقد حاول جاهدا التأقلم في الأيام الأولى إلا أن نومه كان مزعجا ومتقطعا وأحيانا لا يستطيع النوم، بدأ يتنقل من مكان إلى آخر ، وقال: لم أكن أحسب أنّ الشاشة إدمان حتى عندما تعرضت للمواقف مع زملائي أثناء دراستي في الخارج!! تلك نماذج واقعية تحكي عن ادمان اشياء غير المخدرات، والمسكرات ، او المكيفات مثل (التدخين والتمباك) ، وهناك بعض النساء تحدثن الى (الرأي العام) عن ادمانهن للتسوق و(التنزه) ، وبعضهن ذكرن انهن ان لم يزرن (السوق) يوميا يصيبهن (الزهج) و(القرف) طوال اليوم ، حتى يذهبن اليه!! وفي نظرة نفسية لهؤلاء المدمنين قالت (روضة عبد الحليم) اختصاصية نفسية وأستاذة علم نفس في الجامعات السودانية:إن إحساس الإنسان من أن هناك شيئا يملكه إحساس يشعره بالعجز، وهناك سلوكيات كثيرة نمارسها لأننا مدمنون عليها ولكن لا نعي أنها حالة إدمان حتى يطلب منا التخلص منها، حينها يشعر الإنسان بمسألة الإدمان التي تذهبه للعيادة طلبا للمساعدة للتخلص منها، واضافت : كثير من حالات الإدمان التي يمارسها الإنسان إن كانت لا تتمثل في تناول المسكرات والمخدرات الذي يعيبه عليه المجتمع و يعاقبه عليه القانون فهو لا يكتشفها أو يستهين في التعامل معها، مشيرةً إلى أن البعض عندما يعجز بعد عدة محاولات من التخلص من هذا الإدمان يتعايش معه ويعتبره قضاء الله وقدره وأن الله خلقه هكذا، علماً أن عدد محاولات الإقلاع عن حالة الإدمان حسب مشاهدتي في العيادة قليلة لا تتعدى الخمس مرات، هذا في حالة المحاولات المستميتة من شخص عازم!! وهؤلاء يعتبرون عدد هذه المحاولات فوق العادة وبعدها يقتنعون أن هذا قدرهم وهذا سلوك أساسي لديهم!! وأشارت إلى إدمان البعض على سلوكيات معيبة قد تكون سببا في نفور القريبين منهم، مناشدة كل من لديه حالة إدمان على أي شيء المسارعة بالتخلص منه !! فالإدمان معناه أن الجسم تعود على هذا الفعل والعقل تبرمج على هذا التصرف دون غيره وهناك استجابة من العقل والجسد وقبول،وعلى الإنسان أن ينتبه لنفسه وأن يكون قريبا من نفسه ليعرف بوضوح سلوكها ومسارها قبل أن يتمكن منه الإدمان ويصعب التخلص منه!!