ما أن تهم بمغادرة مدينة العطر الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور متوجها إلى الولاية الوليدة وسط دارفور التي انفطمت وانفصلت عنها لتصبح عاصمتها زالنجي التي كانت مقرا لأكبر مشروع زراعي في غرب السودان مشروع جبل مرة ،ما أن تهم بمغادرة الجنينة حتى يأخذك هم وعثاء السفر عندما تعلم منذ بداية أطراف مدينة الجنينة وعورة الطريق حيث إن الطريق الرئيس الخارج من المدينة سرعان ما ينتهي فيه الجزء المعبد وتبدأ الردمية ،وتتبين وأنت تعلو جسر كجا فوق وادي كجا عميق الرمال ممتد الأشجار عريض المجرى كثيف الخضرة أنك بالفعل تسير نحو جبل مرة وتردد في أعماقك أغنية الكابلي ( لو زرت مرة جبل مرة ) ممنيا النفس بتلك الزيارة ،تغادر لتقطع مسافة أكثر من مائة وسبعين كيلو مترا سعيا نحو الجنينة ،تتقدم السيارة في الردمية التي تتخللها بعض المتاريس وأحيانا تتوزع إلى طريقين أو تتقطع ،فتنسيك وعورة الطريق تلك الصور التي كنت تتطلع إليها وينقطع في صدى نفسك صوت الكابلي وأغنية جبل مرة ، لن تستطيع أن تنكر الجهد لمعالجة الطريق لأن تلحظ انتشارا جيدا للشركة الصينية المنفذة لهذا الطريق بعدد كبير من الآليات والمعدات والفنيين مع عمالة سودانية ،ولن تستطيع أن تجد عذراً أمنياً للشركة المنفذة طالما أنها موجودة وتعمل وتحرسها القوات المسلحة ، رغم أنك تسمع عن حوادث متقطعة على فترات متباعدة ،نبلغ قرية هبيلة كناري أو قل معسكر هبيلة كناري التي كان قد افتتح مساكنها المشيدة من الآجر الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى كقرية نموذجية للعودة الطوعية لكنها خاوية على عروشها رغم ما تنعم به المنطقة من أمن وما فيها من مباني جيدة ،وعن سر هجرة النازحين لقراهم وبقائهم في معسكرات النزوح داخل المدن أو خارجها سنحدثكم ،نعبر إلى وادي ذي كثبان عميقة وغير ثابتة أرضه لنعلم أنه وادي ( سي سي ) وعليه جسر يحمل ذات الاسم ،نسأل عن صلة الوادي بالدكتور التيجاني سيسي ،فنجدها منعدمة فالمنطقة ليست منطقة أهله ،نرى حفرا عميقة في جوف الوادي ،لنعلم عن أسطورة وادي بردو قبل بناء الكوبري في مطلع هذه الألفية أنه ابتلع العديد من الشاحنات الكبيرة (z Y) بكامل شحناتها فغاصت في جوف مياهه ورماله في أيام الخريف ،وأن الحفر هذه هي آثار ما استخرجته الآليات الصينية من حطام تلك الشاحنات ،ما أن نبتهج لمشاهد الوادي وظلاله الوارفة وخضرته وامتداده المتلوي كحسناء ممشوقة القوام تقف مرحبة بقدوم الخطاب في خجل ،حتى سرت إلى أنفسنا موسيقى أغنية جبل مرة من جديد ، ومع هذه الفرحة يطلع علينا من جديد سواد لم نكن نحلم به ،إنه الجزء الذي اكتملت سفلتته من منطقة مورني عند منتصف الطريق نحو زالنجي ،نسلكه ونطلب من السائق تصفير عداد العربة لنستمتع بالأسلفت نهما وعدا لنجد أنه خمسة وثلاثين كيلو مترا أي ما يعادل سدس المسافة بين زالنجيوالجنينة ونعود في اليوم التالي إيابا لنجد الصينيين قد أضافوا نصف كيلو جديد . حاشية : إنها رحلة نحو ما يمكن الوصول إليه من مشارف جبل مرة لنتبين الكم المهدر من الموارد الطبيعية والفرص السياحية وغياب البنية التحتية اللازمة للسياحة والزراعة الممنهجة ،وسنواصل زيارتنا لمشارف جبل مرة.